الثاني قد عرفت [1]: أن الجاهل العامل بما يوافق البراءة مع قدرته على الفحص واستبانة الحال، غير معذور، لا من حيث العقاب ولا من جهة سائر الآثار، بمعنى: أن شيئا من آثار الشئ المجهول - عقابا أو غيره من الآثار المترتبة على ذلك الشئ في حق العالم - لا يرتفع عن الجاهل لأجل جهله. وقد استثنى الأصحاب من ذلك: القصر والإتمام والجهر والإخفات، فحكموا بمعذورية الجاهل في هذين الموضعين [2]. وظاهر كلامهم إرادتهم العذر من حيث الحكم الوضعي، وهي الصحة بمعنى سقوط الفعل ثانيا دون المؤاخذة، وهو الذي يقتضيه دليل المعذورية في الموضعين أيضا. فحينئذ: يقع الإشكال في أنه إذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفي كسائر الأحكام المجهولة للمكلف المقصر، فيكون تكليفه بالواقع
[1] راجع الصفحة 412. [2] انظر مفتاح الكرامة 2: 384، و 3: 601.