كان الأمر والنهي للإرشاد لا للتكليف، إذ لا يترتب على مخالفة هذا الأمر والنهي إلا ما يترتب على ذات المأمور به والمنهي عنه، أعني نفس الإطاعة والمعصية، وهذا [1] دليل الإرشاد، كما في أوامر الطبيب، ولذا لا يحسن من الحكيم عقاب آخر أو ثواب آخر غير ما يترتب على نفس المأمور به والمنهي عنه فعلا أو تركا من الثواب والعقاب. ثم إن هذين التقريرين مشتركان في الدلالة على التعميم من حيث الموارد يعني المسائل، إذ على الأول يدعى الإجماع القطعي على أن العمل بالظن لا يفرق فيه بين أبواب الفقه، وعلى الثاني يقال: إن العقل مستقل بعدم الفرق في باب الإطاعة والمعصية بين واجبات الفروع من أول الفقه إلى آخره ولا بين محرماتها كذلك، فيبقى التعميم من جهتي الأسباب ومرتبة الظن. فنقول: أما التقرير الثاني، فهو يقتضي التعميم والكلية من حيث الأسباب، إذ العقل لا يفرق في باب الإطاعة الظنية [2] بين أسباب الظن، بل هو من هذه الجهة نظير العلم لا يقصد منه إلا الانكشاف. وأما من حيث مرتبة الانكشاف قوة وضعفا فلا تعميم في النتيجة [3]، إذ لا يلزم من بطلان كلية العمل بالأصول - التي هي طرق
[1] في (ر)، (ص) و (ه) زيادة: " نفس "، لكن، شطب عليها في (ص) و (ه). [2] في (ظ) و (م): " بالمظنة ". [3] في هامش (ل) زيادة: " بحيث يحكم العقل العمل بكل ظن قويا وضعيفا ".