ومن جملة الآيات: قوله تعالى في سورة براءة: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * [1]. دلت على وجوب الحذر عند إنذار المنذرين، من دون اعتبار إفادة خبرهم العلم لتواتر أو قرينة، فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد. أما وجوب الحذر، فمن وجهين: أحدهما: أن لفظة " لعل " بعد انسلاخها عن معنى الترجي ظاهرة في كون مدخولها محبوبا للمتكلم، وإذا تحقق حسن الحذر ثبت وجوبه، إما لما ذكره في المعالم: من أنه لا معنى لندب الحذر، إذ مع قيام المقتضي يجب ومع عدمه لا يحسن [2]، وإما لأن رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالإجماع المركب، لأن كل من أجازه فقد أوجبه. الثاني: أن ظاهر الآية وجوب الإنذار، لوقوعه غاية للنفر الواجب بمقتضى كلمة " لولا "، فإذا وجب الإنذار أفاد وجوب الحذر لوجهين: أحدهما: وقوعه غاية للواجب، فإن الغاية المترتبة على فعل الواجب مما لا يرضى الآمر بانتفائه، سواء كان من الأفعال المتعلقة للتكليف أم لا، كما في قولك: " تب لعلك تفلح "، و " أسلم لعلك تدخل الجنة "، وقوله تعالى: * (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) * [3].