(1) اعلم أن ما ذكره (قدس سره) من الترديد إنما هو من مقولة المنفصلة باعتبار منع الخلو فقط، ضرورة عدم التنافي بين طرفيه، بل كل منهما يؤكد الآخر و يقويه.
ثم اعلم أن الشواهد للأمر الأول مضافا إلى فتوى الأكثرين هي الفقرات التي أشار إليها (قدس سره) فيما بعد.
و أما الأمر الثاني، فيمكن الاستشهاد له بظهور الأسئلة، فإن قول السائل: (يأتي عنكم خبران أحدهما يأمرنا و الآخر ينهانا كيف نصنع) ظاهر في أن مورد السؤال إنما هو مقام التحير في مقام العمل، و من المعلوم أنه لا تحير مع اعتبار الشارع لذي المزية من الخبرين لتعين الأخذ به حينئذ.
و بعبارة أخرى: إن الداعي للسؤال عن حكم الخبرين المتعارضين إنما هو تحير السائل في مقام العمل، فيكون سؤاله ظاهرا في أن مورده مورد التحير، لا سيما بملاحظة قوله (كيف نصنع) الّذي هو كالصريح، بل الصريح في ذلك.
فيكون الحكم المذكور في الجواب مختصا بذلك المورد، أعني مورد التحير، نظرا إلى أن ظاهر الجواب إنما هو كونه جوابا عن مورد السؤال، هكذا أفاد (دام ظله) أقول: اختصاص أخبار التخيير بصورة التحير مما لا شبهة فيه، و لا نزاع، لكن هذا المقدار لا يجدي فيما نحن بصدده، إذ الّذي يجدينا إنما [هو] ظهور اختصاصها بصورة عدم مزية لأحد الخبرين المتعارضين أصلا، إذ معه