الحكومة متوقفا و متفرعا على عدم التعارض في الجملة، و هذا المقدار منه مصحح لإيراد كلمة (الفاء)، فافهم.
ميزان الحكومة و الورود
ثم إنه لما كان المأخوذ في موضوع الأصول العملية هو الجهل بحكم الواقعة في الواقع- إما من جهة الشبهة في نفس الحكم الكلي الواقعي، أو من جهة الشبهة في مصداقية المورد لموضوعه كما أشرنا إليه- فلازم ذلك أنه إذا قام طريق قطعي- على نفس الحكم، أو على تعيين المصداق- يكون ذلك الطريق واردا على الأصول الجارية في المورد لولاه، لكونه بمجرده رافعا لموضوعها حقيقة، فلا يعقل التعارض بينه و بينها بوجه.
و أما إذا قام طريق ظني- من دليل أو أمارة ظنيين، إما من جهة ظنية دلالتهما، أو من جهة ظنية السند في الأول أو الصدق في الثاني، أعني الأمارة- ففي وروده أو حكومته عليهما أو تعارضهما وجوه، و توضيحها يتوقف على بيان ميزاني الورود و الحكومة أولا، ثم بيان الوجوه المتصورة في كيفية اعتبار ذلك الطريق الظني، و في كيفية اعتبار الأصول الشرعية العملية، و أن الظاهر من أدلة اعتبارهما ما ذا؟
فاعلم أن ميزان الورود: أن يكون الطريق الوارد بحيث يرفع موضوع المورود عليه، و يخرج مورده حقيقة عن كون مصداقا لموضوع المورود عليه- كما أشير إليه- و ذلك بأن يكون بنفسه رافعا للشك حقيقة.
و أما ميزان الحكومة: فأحسن ما يقال فيه: أن يكون الحاكم- أولا و بالذات و بنفسه [1]- مفسرا للمراد من المحكوم عليه، و مبينا لكمية مدلوله، لكنه غير رافع لموضوعه، بل هو مع وجود الحاكم صادق على المورد- أيضا- و إنما
[1] قولنا: (بنفسه) إنما عدلنا إلى ذلك، و لم نقل: (بلفظه) كما صنع المصنف- (قدس سره)-، لأن الحاكم قد