بالتعرض له من هذه الجهة هنا لوجود المناسبة بين المقام و بينه في الجملة، فأشار إليه- (قدس سره)- بقوله [1]: (و منه يعلم أنه لا تعارض [1] بين الأصول و ما يحصله المجتهد من الأدلة الاجتهادية .. إلى آخره).
و لما انجر الكلام إلى ذلك فالحري توضيح المرام فيه ببسط النقض و الإبرام:
التعارض بين الحكم الواقعي و الظاهري
فاعلم أنه ربما يتوهم التدافع بين الأصول العملية و مؤدى الأدلة الاجتهادية، و هي الأحكام الواقعية، و مورد توهمه إنما هو صورة تخالفهما، كأن يكون الأصل مقتضيا لوجوب شيء مع كون مقتضى الطريق الاجتهادي ضد الوجوب من سائر الأحكام، أو العكس.
و توضيح وجه ذلك التوهم: أنه لا شبهة في تضاد الأحكام الخمسة بأسرها فيلزمها بينا امتناع [اجتماع] [2] اثنين منها في مورد واحد، فإذا كان حكم شيء في الواقع أحدا منها يمتنع [3] ثبوت غيره- أيضا- لذلك الشيء حال ثبوته له في الواقع و لو كان غيره حكما ظاهريا، ضرورة أنه- أيضا- بالنسبة إلى موضوعه واقعي، فإنه ثابت للمورد مع صدق موضوعه عليه واقعا، و تسميته بالظاهري ليس معناه أنه لا واقع له، بل إنما هو مجرد اصطلاح بملاحظة أنه يحدث في حق المكلف في مرحلة الظاهر مع جهله بالواقع الأولي الغير الملحوظ فيه شيء من وصفي العلم و الجهل.
[1] لا يخفى أنه كان الأوفق التعبير بعدم المنافاة، لما عرفت أن التعارض وصف للدليلين، فلا يوصف به المدلول، و من المعلوم أن مؤدى الأدلة الاجتهادية و الأصول إنما هما مدلولان للدليل، لا أن كل واحد دليل. لمحرره عفا اللَّه عنه.