يجب عند إرادته، و يمتنع بدونها و إن كان سائر مقدّمات وجوده موجودة، فعليه عدمه إنّما هو عدم الإرادة المعبّر عنه بالصارف لا غير.
فمن هنا بطل قول الكعبي [1] بمقدّمية فعل المباح لترك الحرام، فيجب لذلك، فيلزم انتفاء المباح رأسا، و سيأتي زيادة توضيح لذلك فيما بعد- إن شاء اللَّه- فانتظر.
الثالث
[1]: إذا علم مقدّميّة أمر للواجب فقد عرفت الحكم فيه، و أمّا إذا شكّ في أصل المقدّمية فيجري استصحاب عدم الوجوب الغيري مطلقا و استصحاب عدم جعل ذلك الأمر شرطا أو جزء أو مانعا إذا كان الشكّ في مقدّميّته شرعا، و لا يعارضه استصحاب شغل الذمّة بما يحتمل كونه شرطا له، بل هذا حاكم عليه كما لا يخفى.
و أما أصالة البراءة فلا مجال لها فيما إذا كان الشكّ في مقدّميته عقلا أو عادة كاستصحاب عدم المقدّميّة، ضرورة أنّ الواجب ليس مقيّدا بشيء من المقدّمات العقلية أو العادية و إن كان لا يحصل بدونها، فليس في تركها مع الإتيان
[1] راجع شرح المختصر للعضدي: 1- 90 و 96، و الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1: 107، و شرح اللمع للشيرازي 1: 192 و غيرها.
و الكعبي هو أبو القاسم بن أحمد بن محمد البلخي الكعبي، من متأخّري متكلّمي المعتزلة البغداديين، و تنسب إليه الطائفة الكعبيّة، و له آراء خاصّة في علم الكلام و التفسير و في الأصول منها هذه الشبهة.
أقام ببغداد مدّة طويلة، ثم عاد إلى بلخ، و توفّي بها في شعبان سنة 319 ه.
من آثاره المقالات، و هو تفسير كبير في اثني عشر مجلّدا، و كتب في علم الكلام منها أوائل الأدلّة في أصول الدين.
معجم المؤلّفين 6: 31، و تاريخ بغداد 9: 384، و لسان الميزان 3، 255، و طبقات المعتزلة: 88- 89.