و الأوّل- ما يكون الغرض منه حصول نفسه على أيّ وجه كان، و بعبارة أخرى: ما يكون الغرض منه الوصلة إلى نفسه- كما يشعر به اسمه- بحيث لو فرض تحقّقه و وجوده بأيّ نحو كان لكان مطابقا للغرض.
و الثاني- ما يكون الغرض منه وجوده على وجه التعبّد و الامتثال، لا مطلقا، بمعنى أنّه لا يكفي وجود المأمور به الواجب في حصول الغرض، بل إنّما يحصل هو به إذا وقع على وجه التعبّد و الامتثال، و ذلك أحسن ما عرّفوهما به.
ثمّ إنّ الواجب التوصّلي قد يكون من المعاملات، و هي ما لا يتوقّف صحّتها على نيّة القربة، و قد يكون من العبادات، و هي ما يتوقّف صحّتها عليها، و ذلك بأن يكون المأمور به نفس العبادة، كما [في] أوامر السجود للَّه أو الخضوع له أو الركوع له، و هكذا، بأن يكون وقوع تلك الأفعال للَّه قيدا للمأمور به، و معتبرا فيه، لا غرضا خارجا عن المأمور به كما في الواجب التعبّدي، فيكون الفرق بين هذا القسم من التوصّلي و بين التعبّدي: أنّ هذا القسم بنفسه عبادة،
تعرض لها المفصّل المذكور [1] بعد تعريف الواجب الغيري و النفسيّ [2]، و ذكر هذا النزاع عنده، فإنه تعرّض له في موضعين: أحدهما ما عرفت، و ثانيهما أواخر البحث في مقدّمة الواجب و في تنبيهاته [3]، و ذكر الثمرات في الموضع الأوّل، فراجع. لمحرّره عفا اللَّه عنه.