منها: ما عن الحاجبي [1] من أنّ الحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في وضع أول.
و منها: ما عن جماعة منهم المحقق [2] القمي- رحمة اللّه عليه- من أنها هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح يقع به التخاطب [3].
و منها: ما عن آخرين منهم الشيخ [4] محمّد تقي من أنّها هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له من حيث إنه ما وضعت له.
و يعرف تعريف المجاز على كل منها بقرينة المقابلة.
ثم إنّ في المقام كلمات من هؤلاء الأقوام من النقض و الإبرام، إلاّ أنّ غرضنا لمّا كان الاقتصار بما يقضى به المرام فلم نطل الكلام في ذكرها، و تفصيلها، ثم جرحها، و تعديلها.
و كيف كان فلا بأس بكل واحد من تلك التعاريف الثلاثة عندنا، و إن أورد على الأول بإيرادات كثيرة.
لكنها مدفوعة بأسرها: بحمل كلمة (في) في قوله (في وضع أوّل) على السببية كما لا يخفى على المتأمّل في تلك الإيرادات، و الشّاهد على هذا الاستعمال تتّبع استعمالات العرب، و منه قوله: امرأة دخلت النار في هرة حبستها أي بسببها ..
لكن الإنصاف عدم سلامته من السؤال، حيث أنّ كلمة (في) و إن كانت تستعمل في السببية، لكن الظّاهر أن هذا الاستعمال مجاز، لأنّ الظاهر منها عند الإطلاق هي الظرفية، و لا ريب في عدم جواز الاستعمالات المجازية في الحدود سيما مع عدم القرينة الصّارفة للألفاظ المعينة له في المراد، لأن اهتمامهم في الحدود كاهتمام الشّرع في البيوع
[1] المختصر لابن الحاجب المخطوط: و إليك نصّه: الحقيقة اللّفظ المستعمل في وضع أوّل و هي لغويّة و عرفيّة و شرعية كالأسد، و الدابّة، و الصّلاة، و المجاز المستعمل في غير وضع أوّل على وجه يصح.
[2] قد ورد في القوانين في مقام التعريف: 13، هكذا: اللفظ إن استعمال فيما وضع له من حيث هو كذلك فحقيقة. انتهى. فمن ملاحظة هذا التعريف لا يستفاد الإسناد المذكور بل المستفاد من القوانين بضمّ ما أفاده في علامة التبادر و عدم صحة السلب اعتبار الأمرين معا أحدهما: اعتبار حيثيّة الاستعمال فيما وضع له من حيث ما وضع له و هو من تعريف القوانين و ثانيهما: اعتبار قيد اصطلاح يقع به التخاطب و هو من بيان العلامتين المذكورتين فراجع.
[3] كما عرّفه العلامة بهذا التعريف في مبادئ الوصول إلى علم الأصول و هو منقول عن أبي الحسين البصري.
[4] قد ورد في هداية المسترشدين: 21 هكذا: و لذا اعتبرت الحيثيّة في حدّي كلّ من الحقيقة و المجاز.