اقترن اسم النجف الأشرف- كمدينة جامعية يبحث فيها علوم الشريعة الإسلامية- باسم شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن حسن الطوسي، الّذي انتقل إليها بعد الحوادث الطائفية الدامية التي نشبت في بغداد عام 449 ه، و التي أدت إلى قتل و دمار و اضطهاد المسلمين الشيعة الذين يسكنون بغداد. و اعتبر هو المؤسس الأول لهذه الجامعة العلمية الشامخة عبر القرون و الأيام. كما بقيت مستمرة بين شدة و ضعف تقطع أشواطا بعيدة في مسيرتها الجامعية، و هي تسجل لمؤسسها دور القيادة و الزعامة بكل تقدير و إكبار.
و جامعة النجف مرّت في ثلاثة أدوار:
الأول- بدأ بانتقال الشيخ الطوسي عام 449 ه- إلى النجف، و أسس فيها الحوزة العلمية، و بقيت من بعده تدار من قبل تلامذته الأعلام، و ترى بعض المصادر أنّ الفترة التي تلت وفاة الشيخ الطوسي من أنشط العهود بالنسبة للحركة العلمية في الجامعة النجفية، و إنّ الوضع الدراسي قد بلغ أوجه و شدة عنفوانه في عصر ولده الشيخ الحسن بن محمد بن الحسن المعروف بأبي علي الطوسي المتوفى سنة 515 ه، و يمكن أن تكون امتدادا لعهد الشيخ والده [1].
و إذا ما جاء عهد الشيخ محمد بن أحمد بن إدريس في القرن الخامس حتى نقل الحوزة العلمية من النجف إلى الحلة و قد تكاملت عناصر هذا الانتقال في أوائل القرن السابع الهجري، و نشطت الحركة العلمية فيها إلى حد كبير.
و زعم هذا الانتقال العلمي من النجف، فانّها بقيت محتفظة بطابعها العلمي
[1] راجع لزيادة الاطلاع: محمد بحر العلوم- الدراسة و تاريخها في النجف موسوعة العتبات المقدسة: قسم النجف- 2- 38- 46.