في خضم عمر مديد يقرب من الثمانين عاما، كان سيدنا الإمام المجدد الشيرازي في خلاله قمة شامخة في الزعامة العامة و مثالا رائعا للتقى و الورع، و مرجعا دينيا للأمة الإسلامية، حصل له في دنياه قل أن يحصل لغيره من مكانة في العلم، وسعة في الزعامة، و سلطة عليا في الدين.
و حقق ما أراد، حين أدخله خاله الّذي تولى تربيته سلك الخطابة، فلم يطل به المقام فيها، إلاّ و اكتشف في نفسه قابلية ليكون من أهل العلم و الفضل و الشأن، فتوجه تلقاء بغيته العلمية متنقلا من شيراز إلى أصفهان، ثم إلى كربلاء و النجف، أينما صادف موردا صافيا للعلم حط عليه، و ربض فيه، حتى ينال منه بغيته، و إلى أن وصل النجف الأشرف، محط العلماء، و بغية الطلاب، به يستقرون، و من جامعتها الشامخة يرفدون.
ثم من حق المرجعية الدينية الإمامية أن تعتز بمثل هذه الشخصية الفريدة، التي جمعت كمال العلم، إلى ورع النّفس، إلى طموح الرقي، و كان لها من هذه و تلك ما قوّم به الخطّ المرجعي الإمامي، الّذي استمر طوال القرون الشاسعة ينبض حيوية، و يتنامى ازدهارا، فانه لم يجمد، و لم يخمد، فحركة الاجتهاد إحدى مفاخره و مسايره التطور الحضاري من أهم مميزاته.
إذا لا نستغرب إذا سمعنا ما قاله القائلون عنه: و بلغ من الرئاسة و جلالة الشأن مبلغا لم يكن لأحد من الأمراء و الملوك في أيامه [1] ما كان له من رئاسة و زعامة و توفيق.
ثم أيضا لا تعلونا الدهشة حين نسمع ما يتحدثون عن سيدنا الإمام المجدد