(و يبدو واضحا أنّ أهمية هذا الموقف كانت تتجلى آنذاك بتجاوز الفتنة، و إبداء الحرص على وحدة الجماعة الإسلامية، رغم الخلاف المذهبي مع الدولة العثمانية، و قطع الطريق على تدخلات القناصل الأوروبيين، و خاصة الإنكليز الذين كانوا ينشطون لإقامة أوسع العلاقات مع القيادات الاجتماعية و الأعيان في المدن و الريف) [1].
ج- قضية التنباكو:
هذه القضية من أهم القضايا الساخنة التي تعرضت لها مرجعية الإمام الشيرازي، و كان موقفه الجريء يمثل انتفاضة عارمة ضد السلطة حينذاك، و أكدت أنّ (سلطان الدين أقوى من كل سلطان) [2].
تحدثنا المصادر: بأنّ ناصر الدين شاه القاجاري عقد اتفاقية مع شركة إنگليزية باحتكار (التبغ الإيراني)، و أثّر هذا الامتياز للشركة الأجنبية على الحركة التجارية الداخلية و السوق المحلية، و كلّما حاول الأهالي انثناء الشاه عن عقد هذه الاتفاقية لم يجد نفعا، و أصر على إبرامها و تنفيذها. و تنص هذه الاتفاقية على أن تتولى الشركة زراعة التبغ و بيعه و تصديره لمدة خمسين عاما بدءا من سنة 1890 م، كما حدث في الهند [3].
و على أثر ذلك اندلعت انتفاضة شعبية عام 1890 م بقيادة العلماء في إيران، و كان من أبرز المجتهدين في طهران الذين قادوا الانتفاضة آية اللّه الميرزا محمد حسن الآشتياني- (قدس سره)-، و أدرك علماء إيران أن توفير فرصة أكبر لنجاح الانتفاضة الشعبية من أجل إلغاء الاتفاقية يتطلب دعم و تأييد المرجع الأعلى للشيعة السيد الشيرازي، فأرسل عدد منهم برقيات إليه طالبين منه دعمهم، فرد عليهم طالبا منهم
[1] الرهيمي- المصدر المتقدم: 128 عن آلبرت حوراني- الإصلاح العثماني و المشرق العربي: 90- 91.