ومما بيناه يتضح
ان ما أفاده صاحب الكفاية ـ من صدق النقض مطلقا بملاحظة ما اليقين من الاستحكام ،
ولذا يقال : « انتقض اليقين باشتعال السراج » إذا انطفأ لانتهاء نفطه ـ مثلا ـ ،
ولا يلحظ في صدق النقض قابلية الشيء للاستمرار ، ولذا لا يصدق : « نقضت الحجر من
مكانه » ـ. في غير محله ، فانه مضافا إلى التشكيك في تصور الاستحكام بالنسبة إلى
اليقين على رفع الحجر المثبت في الأرض بنحو مستحكم جدا ، فلا يقال لرفعه انه نقض ،
بل النقض ـ كما عرفت انما يصدق بلحاظ فتّ الأجزاء المتصلة للمركب اما حقيقة أو
مسامحة.
واما دعوى صدق
النقض في مثال السراج فقد عرفت ما فيها ، ولم يثبت ركاكة صدق النقض في مثال الحجر
إذا كان الملحوظ انتقاض. استمرار كونه في المكان الخاصّ ، لا انتقاض نفس الحجر من
مكانه كما هو ظاهر العبارة في المثال.
ثم ان الشيخ رحمهالله عبر عن النقض
بأنه رفع اليد ، وخصه برفع اليد عن الأمر الثابت [١].
فأورد عليه : بأنه
لا وجه لتقييده برفع اليد عن الأمر الثابت ، بل مقتضى الإطلاق التعميم لغير الأمر
الثابت [٢].
ويمكن دفع هذا
الإيراد عنه ، بأنه ليس المقصود كون حقيقة النقض ومفهومه هو رفع اليد ، بل المقصود
ان النقض حيث انه لا يصدق حقيقة لأنه ليس من افعال المكلف الاختيارية ، فلا بد ان
يراد به النقض بحسب العمل الراجع إلى عدم ترتيب الآثار ورفع اليد عن المتيقن ،
فإذا فرض كون مفهوم
[١] الأنصاري
المحقّق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣٦ ـ الطبعة الأولى.
[٢] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٧٨ ـ القسم الأول ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.