والّذي يبدو ان
نقطة الخلاف بين الشيخ وبينه هو : ان نظر الشيخ إلى ان النقض مسند في الواقع إلى
المتيقن ، فيعتبر فيه كونه مما فيه اقتضاء البقاء. ونظره قدسسره إلى ان النقض
مسند إلى اليقين بنفسه ، وهو ذو جهة تصحح اسناد النقض إليه ، أعم من ان يكون
متعلقة ذا اقتضاء للبقاء أو لا يكون ، وهي جهة الاستحكام فيه فلا وجه لحمله على
خلاف ظاهره والالتزام بتخصيص الاستصحاب بخصوص مورد الشك في الرافع.
وتحقيق الكلام في
المقام على نحو يرتفع به بعض الإبهام : ان لفظ النقض يسند إلى الدار ، فيقال : «
نقض الدار » ويفسر في كتب اللغة بهدم الدار ، ويسند إلى الحبل ويفسر بحلّه ، ويسند
إلى العظام ، فيقال : « نقض العظم » ويفسر بالكسر ، ويسند إلى الحكم ، فيقال : «
نقض الحكم » في قبال إبرامه ، ونصّ في اللغة على أنه مجاز [٢]. كما يقال : قولان متناقضان ، وغير ذلك ، كما انه قد يفسر الإنقاض بمعنى
التصويت كما في مثل قوله تعالى : ( الَّذِي أَنْقَضَ
ظَهْرَكَ )[٣] فانه فسر بالتصويت [٤].
والّذي يمكن الجزم
به ان الكسر والهدم والحل والرفع كل ذلك ليس معنى للنقض ، وانما هو تفسير له
باللازم أو المحقق لمفهومه ، والمعنى الجامع بين هذه الموارد جميعا هو ما يساوق
التشتيت والنكث وفصل الأجزاء بعضها عن الآخر ، فنقض الشيء يرجع إلى رفع الهيئة
الاتصالية وتشتيت الاجتماع الحاصل للأجزاء. وبذلك يكون نقض الدار بمعنى هدمها لأنه
بالهدم تنعدم الهيئة
[١] الخراسانيّ
المحقّق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٩١ ـ ٣٩٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.