اللهم إلاّ ان
يقال : ان « لكن » ظاهرة في الحصر ، لأنها عاطفة ، وهي من موجبات الحصر لا من
أدوات الاستدراك. فدعوى إرادة الحصر لا توجب تصرفا في الظهور كي يقع الكلام في المرجح
لأحد التصرفين على الآخر ، بل هي على وفق الظهور ومقتضاه.
وبذلك يخرج الكلام
عن اللغوية.
هذا ، مضافا إلى
إمكان دعوى استفادة الحصر من سياق الكلام لا من التصرف في « لكن » ، ويشهد له انه
قد ذكر من جملة الوجوه على كون المراد من الشك في الاخبار هو مطلق عدم اليقين لا
خصوص تساوي الطرفين : حصر الناقض في اليقين. وحينئذ يبقى اليقين على ظهوره ولا وجه
للتصرف فيه. وعلى هذا لا يتم الوجه المذكور ، فلا يصلح لا ثبات الورود.
ولكن في الوجوه
الثلاثة الأخر كفاية ، فانها توجب الاطمئنان ، بل القطع في كون موضوع الاستصحاب
عدم الحجة على الخلاف.
وبذلك يتعين القول
: بان تقدم الأمارة على الاستصحاب من باب الورود.
وعليه فلا مجال
لدعوى الحكومة أو التخصيص. مع انه لو أغمضنا النّظر عن تمامية دعوى الورود فدعوى
الحكومة غير تامة ، إذ غاية ما ترتكز عليه هو كون دليل اعتبار الأمارة يتكفل إلغاء
احتمال خلاف الأمارة تنزيلا ، فمع قيام الأمارة على خلاف الحالة السابقة يتكفل
دليل الأمارة إلغاء احتمال خلافها تنزيلا. ومقتضاه إلغاء احتمال بقاء الحالة
السابقة الّذي هو موضوع الاستصحاب ، فيرتفع موضوع الاستصحاب تنزيلا ، لأن موضوعه
الاحتمال والشك ، ومفاد دليل الأمارة رفع هذا الاحتمال وإلغائه. فيكون دليل
الأمارة حاكما على دليل الاستصحاب لأنه يكون ناظرا بمدلوله اللفظي إلى دليل الأصل
وموجبا لتضييق دائرته.