ولكن الظاهر من
العبارة وجه آخر غير هذين الوجهين ، وهو كون وجوب المعرفة مترتبا على اليقين
بالحياة لا على الوجود الواقعي ، كما ـ هو مقتضى الوجه الأول. ولا مطلقا كما هو
مقتضى الوجه الثاني وان الكلام في الاكتفاء باستصحاب الحياة عن اليقين بها. وظاهر
المحقق الخراسانيّ أخذ اليقين بها بما أنه صفة ، ولذلك أوجب تحصيله وعدم كفاية
الاستصحاب عنه إلا في مورد يكتفي فيه بالظن ـ كما لو أخذت المعرفة بمعنى أعم من
القطع والظن ـ وكان الاستصحاب من باب الظن. فالتفت.
وقد فسر المحقق
الأصفهاني قدسسره العبارة بالوجه الأول. وأورد على جريان الاستصحاب : بان استصحاب حياة الإمام
إذا كان يترتب عليه لزوم المعرفة ، فمع تحصيلها يرتفع موضوع الاستصحاب ، فيلزم من
وجود التعبد عدمه وهو محال [١].
وفيه : ان المعرفة
توجب رفع موضوع الاستصحاب بقاء ولا محذور فيه ، وانما المحذور لو استلزمت رفعه
ابتداء وحدوثا ، ولكنه غير حاصل.
وقد تبين مما
ذكرنا حال الاستصحاب في الإمامة والنبوة.
فان الإمامة ، اما
أن تكون من الصفات النفسانيّة التي وهي عبارة عن درجة خاصة من الكمال. واما أن
تكون من المناصب المجعولة ، وهي إمارته على الناس ونفوذ حكمه فيهم وما شابه ذلك.
والشك في الإمامة ينشأ عن الشك في الموت وعدمه.
والإمامة بالمعنى
الأول لا تزول بالموت ولا بغيره ، فلا شك فيها أصلا ، بل يحرز بقائها. ولكنها
بالمعنى الثاني تزول بالموت ، لأن أداء الأحكام والأمارة على الناس يتقوم بالحياة
، فمع الشك في بقاء الحياة يشك في بقاء في بقاء الإمامة بهذا
[١] الأصفهاني
المحقّق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٣ ـ ١١٣ ـ الطبعة الأولى.