النقض بالشك عرفا
، وهذا يثبت مع الوحدة العرفية للموجود في مرحلة حدوثه وبقائه ، والأمر التدريجي ـ
كالزمان ـ وان كانت أجزاؤه متدرجة في الوجود بحيث تنصرم وتنعدم ، إلا ان تخلل هذا
العدم بين الاجزاء لا يوجب الإخلال بالوحدة عرفا ـ بل قيل دقة ـ ، فالزمان واحد
مستمر لا أنه وجودات متعددة ، فالنهار موجود واحد مستمر يتحقق بحصول أول أجزائه
وينتهي بانتهائها ويصدق على الآنات الحاصلة بين المبدأ والمنتهى ، فمع الشك في
الاستمرار يجري الاستصحاب ، لأن رفع اليد عنه في ظرف الشك يعد نقضا لليقين بالشك.
الجهة الثانية :
ان موضوع الاستصحاب هو الشك في البقاء ، كما ان الاستصحاب هو التعبد ببقاء ما كان
، والبقاء عبارة عن الوجود في الآن الثاني ، وهذا المعنى لا يتصور في نفس الزمان ،
فلا يتصور البقاء في الزمان لأنه لا يوجد في زمان آخر.
ويندفع هذا
الإشكال :
أولا : بان الوجود
في الآن الثاني لم يؤخذ في مفهوم البقاء وانما هو لازم له في ما يقبل الوجود في
الزمان كالزمانيات ، اما مثل الزمان مما لا يوجد في الزمان ، فلا يكون بقاؤه
ملازما لذلك ، كيف! ويصدق البقاء على المجردات كالذات المقدسة ، فليس مفهوم البقاء
الا مساوقا للاستمرار والدوام في الوجود.
وثانيا : انه لم
يؤخذ في دليل الاستصحاب التعبد بالبقاء ، بل هو وارد في كلمات الفقهاء والأصوليين
، وانما الوارد في الأدلة هو عدم نقض اليقين بالشك ، وليس موضوعه الا الشك في
وجوده المتأخر بعد اليقين بوجوده السابق ، وهو موجود. فلاحظ.
الجهة الثالثة :
ان الشك في الأمر التدريجي ..
تارة ينشأ من الشك
في حصول ما يمنع من استمراره مع إحراز قابليته للاستمرار في نفسه.