وقد زاد المحقق
النائيني وجها رابعا وهو : ان الأصل السببي المفروض في المقام مبتلى بالمعارض.
وذلك لمعارضة أصالة عدم حدوث الفرد الطويل بأصالة عدم حدوث الفرد القصير ، ومع
التعارض يكون الأصل المسببي جاريا لعدم نهوض ما يصلح للحكومة عليه [١].
أقول : اما الوجه
الأول الّذي أفاده في الكفاية ، ويظهر أيضا من عبارة الشيخ رحمهالله فقد يورد عليه :
بأنه يبتني على ملاحظة البقاء والارتفاع طرفي شك واحد ، فالشك في البقاء أو
الارتفاع ـ فان الشك ذو طرفين ـ ، فيقال انه ناش من الشك في كون الحادث هو الفرد
الطويل أو القصير ، ولكن هذا بلا ملزم ، إذ المأخوذ في الاستصحاب هو الشك في
البقاء وعدمه ، فيكون الطرف الآخر هو عدم البقاء لا الارتفاع. ومن الواضح ان
البقاء وعدمه يترتبان على حدوث الفرد الطويل وعدمه ، فأصالة عدم الفرد الطويل تثبت
أحد طرفي. الشك وهو عدم البقاء فيلغى تعبدا.
وبالجملة : لدينا
شكان تعلق أحدهما بالبقاء وعدمه ، الآخر بالارتفاع وعدمه ، وموضوع الأصل في الكلي
هو الأول ، وهو محكوم لأصالة عدم حدوث الفرد الطويل.
وهذا الإيراد لا
بأس به ، لكن للمنع عنه مجال وذلك ، لأن دليل الاستصحاب لم يتكفل التعبد بالبقاء
بعنوانه ، وانما التعبير بذلك ورد في كلمات الأصحاب وامّا دليل الاستصحاب فهو
يتكفل التعبد بالبقاء بعنوان عدم النقض ، وهو عدم رفع اليد. ومن الواضح ظهور ذلك
في أخذ الشك في الارتفاع في موضوع التعبد ، لظهور الدليل في تكفله إلغاء أحد طرفي
الشك وإثبات الطرف الآخر ، فموضوع الاستصحاب أخذ فيه الشك في الارتفاع لا مجرد عدم
[١] الكاظمي الشيخ
محمد علي. فوائد الأصول ٤ ـ ٤١٨ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.