والشرطية على
الأمر. وهذا وان تم في الجزئية ، لأنها تنتزع عن جهة الوحدة ، وهي في المأمور به
ليس إلاّ الأمر وكونه متعلقا له ، فبعد تعلقه بذوات الاجزاء ينتزع عنه عنوان
الجزئية لها. ولكنه لا يتم في الشرطية ، لأنها تنتزع عن جهة تقيد العمل بالشرط
وإضافته له ، وهذا غير منوط بالأمر ، بل عرفت انه سابق على الأمر لأنه مأخوذ في
موضوعه. فمثلا الصلاة المشروطة بالطهارة يتعلق بها الأمر ، ولا يخفى ان كون
الطهارة شرطا انتزع عن تقيد الصلاة بها ، وهو سابق على الأمر. نعم كونها شرطا
للواجب ينتزع عن الأمر كما عرفت لا أصل الشرطية. مثل : « إكرام العالم الواجب
الاحترام » ، فان كونه إكراما للعالم لا يرتبط بالأمر ووجوب احترام العالم ، بل هو
امر ثابت في حد نفسه ، لكن كونه إكراما لمن يجب احترامه ينتزع عن الأمر باحترام
العالم. فتدبر [١].
هذا ما أفاده
العراقي قدسسره ـ ببعض توضيح منا وتلخيص ـ وهو كلام متين يزداد لدينا وضوحا كلما ازددنا فيه
تأملا وتفكرا.
هذا ، ولكن لا
يخفى انّه ـ على متانته ـ لا أثر له فيما هو المهم فيما نحن فيه. وتوضيح ذلك : ان
الكلام فيكون الأحكام الوضعيّة كالجزئية مجعولة وعدم كونها مجعولة ، انما هو بلحاظ
صحة جريان الأصل فيها وعدم صحته.
وقد أشير في
الكفاية إلى صحة جريان الاستصحاب في مثل الجزئية مما يكون مجعولا بالتبع ، ببيان :
انه لا يعتبر في مجرى الأصل سوى كون امره بيد الشارع يتمكن من وضعه ورفعه ولو بتبع
امر آخر ، والجزئية للمأمور به كذلك ، فانها مجعولة يتبع جعل الأمر ، فيصح ان تكون
مجرى الأصل ، ولا يمنع منه عدم تسمية الجزئية حكما شرعيا ، إذ لا يعتبر ذلك في
مجرى الأصل ، بل المعتبر ما عرفت من كونه بيد الشارع وهو كذلك.
[١] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٩١ ـ ٩٢ ـ القسم الأول طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.