والأمر في
الواجبات ليس كذلك ، إذ الداعي إلى فعل الواجب عادة وطبعا هو الفرار عن مفسدة تركه
وهو العقاب ، لا الوقوع في مصلحة فعله وهو الثواب. فلا يكون الاخبار بالوجوب
مشمولا لهذه القاعدة ، لما عرفت من اختصاص موضوعها بما يؤتى به بداعي الثواب عادة
، وهو خصوص المستحبات ، لعدم الإتيان بالواجب عادة بداعي الثواب وإن أمكن حصوله
أحيانا. فالتفت.
وأما مورد قيام
الخبر الضعيف على حرمة عمل ، فانه قد يقال انه يدل على ترتب الثواب على تركه ،
فيثبت استحباب الترك بمقتضى أخبار من بلغ.
ولكن الحق عدم
شمول أخبار من بلغ للمحرمات لوجهين :
أحدهما : ما تقدم
في الواجبات من ظهور الاخبار في كون موضوعها ما يؤتى به بداعي الثواب عادة وهو لا
ينطبق على المحرمات ، إذ الامتثال فيها لا يكون بداعي حصول الثواب عادة ، بل بداعي
الفرار عن العقاب.
والآخر : التوقف
في صدق بلوغ الثواب في موارد التحريم بالأخبار به.
أما على القول بان
النهي عبارة عن الزجر عن الفعل ـ كما هو المشهور ـ فواضح ، إذ لا ظهور في الزجر عن
الفعل إلا في الصدّ عن مغبّة العمل ومفسدته ، بحيث يستحق اللوم والعقاب على الفعل
، فالاخبار بالزجر لا يكون اخبارا بترتب الثواب على الترك ، وان ترتب عليه بحكم
العقل لأجل الامتثال ، لكنه أجنبي عن ظهور اللفظ عرفا في الوعد على الثواب.
وأما على القول
بأنه عبارة عن طلب الترك ـ كما هو المختار تبعا لصاحب الكفاية [١] ـ ، فقد يتوهم انه ظاهر في رجحان الترك ، وهو ملازم لترتب الثواب.
ولكن نقول : ان
طلب الترك في المحرمات انما هو بملاك وجود المفسدة
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم كفاية الأصول ـ ٣٦٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.