الثاني : مسألة
البراءة ، إذ معه لا يحتاج إلى أصل البراءة للقطع بعدم التكليف مع الجهل.
وهو من الناحية
الأولى ذو أهمية ، وقد تقدم الكلام منّا مفصلا فراجع [١].
وكيف كان فالجواب
عن هذا الدليل بنحو الإجمال : ان الغرض من الأمر ليس هو الإطاعة ، لأنها تنفك عن
الأمر كثيرا ، بل الغرض منه ـ على قول ـ إمكان الداعوية ، وهو حاصل ولو مع عدم
تحقق الإطاعة.
وهل يتقوم إمكان
الداعوية بالوصول ـ كما يراه الأصفهاني [٢] ـ أو لا؟. قد
عرفت عدم تقومه بالوصول ، وان التكليف له إمكان الدعوة في صورة الجهل.
هذا ، مع انه لنا
ان نلتزم بان الغرض هو جعل ما يقتضي الداعوية ، والاقتضاء يجامع الجهل. وقد سبق
الكلام في ذلك عن قريب جدا. فراجع [٣].
ثم إنه قد عرفت ان
كثيرا من الأدلة السابقة لا يزيد مدلوله على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ـ على
تقدير ثبوتها ـ ، فلو تمت أخبار الاحتياط لكانت مقدمة عليها لورودها عليها.
ولعله لأجل ذلك
تعرض الشيخ للبحث عن الاستدلال على البراءة بالاستصحاب ، فانه لو تم الاستدلال به
لكان مقدما على الاحتياط ، لأنه حاكم أو وارد على البراءة والاحتياط ـ كما يوضح في
محله ـ. ونحن نتعرض للبحث فيه وإن أهمل ذكره في الكفاية.
فنقول : مع الشك
في ثبوت التكليف يجري استصحاب البراءة المتيقنة حال الصغر أو الجنون فتثبت البراءة
بعد البلوغ أو العقل بواسطة استصحابها.