وأما الإباحة
المالكية ، فلأن إرادتها بعيدة عن منصب الإمام عليهالسلام المعدّ لتبليغ الأحكام ، خصوصا وأن الخبر مروي عن الصادق عليهالسلام بعد ثبوت الشرع
بمدة طويلة ، فلا معنى لأن يبين ذلك.
وإذا ظهر امتناع
أخذ الإباحة بجميع اقسامها مفيدة بعدم صدور النهي فلا بد من حمل الورود هاهنا على
إرادة الورود على المكلف المساوق لوصوله إليه ، ويراد من الإطلاق الإباحة الشرعية
الظاهرية. والتعبير عن الوصول تعبير شائع في العرف.
الطريق الثاني :
ان الورود ليس بمعنى الصدور ، بل هو بمعنى يساوق الوصول ، وذلك لأن الورود متعد
بنفسه ، فهناك وارد ومورود ، فيقال ورد الماء وورد البلد ووردني كتاب فلان ، وقد
يتعدى بعلي بلحاظ إشراف الوارد على المورود ، فيقال ورد عليّ كتاب فلان. وقد يكون
للوارد محل في نفسه كالحكم ، فيقال : ورد فيه نهي مثلا. فموضوع الحكم محل للوارد
لا مضايف له ، فلا يقال عن الموضوع انه ورده نهي ، بل مضايف الحكم الوارد هو
المكلّف.
وعليه ، فيكون
مفاد الرواية : « حتى يرد المكلف نهي » ، فلا يكون الورود بمعنى الصدور مفهوما حتى
لا يحتاج إلى مكلّف يتعلق به ، بل هو يساوق الوصول لأجل التضايف بين الوارد
والمورود.
فهذا الطريق يرجع
إلى ظهور الورود عرفا فيما يساوق الوصول ، والطريق الأول يرجع إلى ضرورة حمل
الورود على ما يساوق الوصول [١].
أقول : لا يمكن أن
يكون المجعول هو الإباحة الظاهرية ، مع كون المراد من الورود الصدور ، إذ جعل
الإباحة الظاهرية ترجع إلى جعل المعذورية. ومن
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ١٨٧ ـ الطبعة الأولى.