في هذا الظرف ،
يكون رفعا للواقع حقيقة ، فيصح تعلق الرفع حقيقة بالواقع بلحاظ عدم جعل إيجاب
الاحتياط. نظير نفي الإحراق بلحاظ نفي سببه وهو النار.
وعلى هذا ، فلا
ملزم للالتزام بان المرفوع رأسا وحقيقة هو إيجاب الاحتياط كما هو ظاهر الشيخ في
قوله : « والحاصل : ان المرتفع فيما لا يعلمون وأشباهه مما لا يشملها أدلة التكليف
هو إيجاب التحفظ على وجه لا يقع في مخالفة الحرام الواقعي » [١]. أما قوله : « معنى رفع أثر التحريم فيما لا يعلمون عدم إيجاب الاحتياط » [٢] ، فهو يحتمل الأمرين وان استشهد به المحقق النائيني على ما نسبه إليه من كون
المرفوع رأسا وجوب الاحتياط [٣] ، فالنكتة التي تنحل بها المشكلة هي ما عرفت من انه يكون
للواقع بإيجاب الاحتياط نحو جعل ووضع ، فيصح اسناد الرفع إليه حقيقة برفع سببه وهو
إيجاب الاحتياط.
نعم لو لم يكن
إيجاب الاحتياط مصححا لوضع الواقع ونسبة الجعل إليه ، لم يكن رفعه مصححا لإسناد
الرفع إلى الواقع حقيقة ، إذ جعل الواقع حينئذ لا يكون بيد الشارع كي يرفعه.
وقد عبّر عما
أوضحناه من تصحيح نسبة الرفع إلى الواقع صاحب الكفاية بعبارة مختصرة أشار فيها إلى
النكتة ، فقال : « فالإلزام المجهول مما لا يعلمون فهو مرفوع فعلا ، وإن كان ثابتا
واقعا ، ولا مؤاخذة عليه قطعا » [٤] حيث جعل الرفع متعلقا بنفس الحكم الواقعي في مرحلة الفعلية
مع الالتزام بثبوته الواقعي ، وهو معنى الرفع الظاهري ، ولم يلتزم بتعلق الرفع
رأسا بإيجاب
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ١٩٧ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ١٩٧ ـ الطبعة الأولى.
[٣] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ١٧٢ ـ الطبعة الأولى.
[٤] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٣٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.