وقد نسب المحقق
النائيني قدسسره إلى الشيخ : أنه يرى ان التنافي بين حكم الأصل وحكم الأمارة كالتنافي بين
الحكم الظاهري والواقعي وان الجمع بينهما بتعدد المرتبة. واستشكل في ذلك : بأنه لا
تنافي بينهما بالمرة ، لأن المجعول في الأمارة هو الطريقية فلا حكم في موردها كي
يتخيل المنافاة [١].
أقول : الظاهر ان
منشأ نسبة المحقق النائيني إلى الشيخ ما تقدم ، هو تعبير الشيخ بالطولية والتأخر
الطبعي.
ولكنه لا يلازم ما
نسبه إليه ، بل يمكن ان يكون نظر الشيخ إلى بيان عدم المنافاة بين الدليلين ـ دليل
الأمارة ودليل الأصل لتوهم المعارضة بدوا كما لو كانت الأمارة ملزمة والأصل ينفي
التكليف ـ لعدم اجتماع حكميهما في آن واحد ، فان حكم الأصل إنما يثبت مع الشك وعدم
الحجة فمع ارتفاع الشك بالأمارة لا حكم للأصل.
وهذا لا بد ان
يذكر ولو فرض ان دليل الأمارة إنما يجعل الطريقية ، إذ جعل الطريقية لا يجتمع مع
إطلاق العنان بالنسبة إلى الواقع ـ كما هو مفاد أصل البراءة ـ.
وبالجملة : نظر
الشيخ في ذكر الطولية إلى بيان عدم تحقق التنافي بين الدليلين ـ بما هما دليلان ـ ،
لعدم اجتماع مفاديهما في آن واحد ، لا إلى ان التنافي بينهما من باب التنافي بين
الحكم الظاهري والواقعي ، بل تنافيهما المتوهم من قبيل التنافي بين الحكمين
الظاهريين أو الواقعيين. فلاحظ.
وبعد ذلك يحسن بنا
أن نشير إلى الوجه في إدراج مسائل الأصول العملية في علم الأصول.
وقد تقدم البحث ـ مفصلا
ـ عن ذلك في صدر المباحث الأصولية عند
[١] الكاظمي الشيخ
محمد علي. فوائد الأصول ٢ ـ ٣٢٦ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.