واعتبارهم ، وأخرى
باعتبار انكشاف ذلك الشيء واقعا لديهم ، فإذا كانت رويّة العقلاء لكون الخبر طريقا
من النحو الثاني صحت دعوى الانصراف ، واما إذا كانت من النحو الأول فلا تصح دعوى
الانصراف لأن البناء على ان هذا علم لا يجدي في عدم شمول المفهوم له عرفا ، ألا
ترى انه هل تصح دعوى انصراف : « لا تكرم الفاسق » عمن اعتبره العقلاء غير فاسق
وكان فاسقا في الواقع؟ ولا يخفى ان بناءهم على كون الخبر علما من النحو الأول لا
الثاني ، فانهم يعتبرونه علما لا انهم يرونه علما ، فتدبر.
واما الوجه الثاني
: فلأن المراد :
ان كان هو
الاستناد إلى سيرة العقلاء بنفسها ولو لم تقم حجة شرعية على إمضائها. ففيه : انه
لا معنى لانصراف الآيات عن مثل ذلك بعد ان لم تكن السيرة القطعية حجة شرعا إذ أي
دخل لهذه السيرة في رفع ظهور الآيات في النهي عن العمل بالظن ، وهل هو الا نظير
الاستناد إلى امر علمي أجنبي عن حجية الظن وشئونه؟.
وان أريد الاستناد
إلى السيرة التي قام الدليل على إمضائها ـ وفائدة دعوى الانصراف حينئذ مع انها
تشترك مع الالتزام بالعموم والتخصيص في الأثر ، وهو رفع اليد عن عموم الآيات هو
عدم ملاحظة النسبة بين الآيات الكريمة ودليل حجية السيرة شرعا بناء على الانصراف
وخروج المورد عن موضوع الآيات الكريمة ، بخلافه بناء على الالتزام بالعموم
والتخصيص فتدبره ـ. ففيه : انه قد عرفت ان الآيات الشريفة تتكفل حكما إرشاديا
راجعا إلى نفى حجية الظن رأسا ، فلو أخذ في موضوع الآيات الظن الّذي لم يقم على
اعتباره دليل كما يدعى كان من الضرورة بشرط محمول ، إذ يكون مفاد الآيات : ان الظن
غير الحجة ليس بحجة ، وهو مستهجن جدا ومما لا محصل له اذن فالموضوع هو طبيعي الظن
بجميع افراده.