إلاّ ان قوله
تعالى قبل ذلك : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ
يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى ) ، ظاهر في الفروع
لظهور الاتباع في المتابعة في الأحكام والعمل ، فيكون قرينة على ان المراد من
الصدر وهو قوله : ( قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ... )[١] ، هو الشريك في
العبادة لا الخلق فيكون ناظرة إلى العمل لا الاعتقاديات. ولو غضضنا النّظر عن ذلك
، فقوله تعالى : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
شَيْئاً ) ، بمنزلة العلة للتوبيخ على اتباع الظن فيتمسك بعمومه ،
والمورد لا يخصص الوارد.
وبالجملة : فدعوى
اختصاص الآيات بأصول الدين بلا شاهد ، بل الشاهد على خلافها.
واما دعوى انصراف
الآيات إلى الظن الّذي لم يقم على اعتباره دليل ، فلم يذكر لها شاهد مع ان المناسب
لمقام الاستدلال ذلك.
وعلى كل فيمكن
توجيهها بأحد وجهين :
الأول : ان بناء
العقلاء على كون الخبر علما وطريقا إلى الواقع يستلزم خروجه عن ما دل على النهي عن
العمل بغير العلم ، وان كان هو في الحقيقة من افراد غير العلم.
الثاني : ان العمل
بخبر الواحد استنادا إلى السيرة الارتكازية المعلومة يكون عملا بالعلم بلحاظ
السيرة ، وان كان بلحاظ نفسه عملا بغير العلم ، فلا يكون العمل بالظن استنادا إلى
ما دل على حجيته من الأمور القطعية عملا بغير العلم عرفا ، وينصرف العموم المذكور
عنه.
وفي كلا الوجهين
نظر :
اما الوجه الأول :
فلان نظر العقلاء ورويتهم تارة يكون بمعنى بنائهم