الكتاب من أمثلة
القطع المأخوذ في الموضوع ما ذهب إليه بعض الأخباريين من تقييد الحكم بالعلم به من
طريق خاص ، ولكنه ذكر ان تعرض الشيخ له من باب التمثيل لا لأجل تصحيح كلام
الأخباريين. هذا ما أفاده العراقي رحمهالله[١].
ونحن لا نريد ان
نطيل البحث في هذه الجهة ، وان هذه الدعوى هل هي مقالة الأخباريين أو لا؟ ، فليس
هذا مهما ، إذ هي شبهة متينة في نفسها ذهب إليها الأخباريون أو لم يذهبوا إليها ،
فان اللازم التعرض لدفعها ونقضها.
والتحقيق في دفع
هذه الشبهة : ان الرواية ظاهرة في لزوم متابعة الأئمة عليهمالسلام والانقياد
لتعليماتهم والمنع عن تشكيل مقام ديني يناقض مقامهم وفي قبالهم عليهمالسلام ، وهي تنفي
الثواب عند حصول هذا المعنى نظير نفيها الثواب عند عدم الولاية نفسها ، لأجل ان
هذا المعنى معصية شديدة المبغوضية فتستلزم عدم الثواب.
واما القرينة على
هذا الظهور ، فمن الرواية نفسها ، وذلك لقوله عليهالسلام « فيواليه » ـ الّذي يظهر انه هو القيد لظهور تفرعه على ما
تقدم في ذلك ـ بعد قوله : « ولم يعرف ولاية ولي الله فتكون أعماله بدلالته » ، ومن
الواضح انه ليس المراد منه الولاية بمعنى الاعتقاد بالإمامة ، إذ هي سابقة على كون
الأعمال بدلالة الولي لا متأخرة ، فالمراد بها المتابعة والانقياد.
وواضح انه مع أخذ
أكثر الأحكام منهم وعدم القيام بما يظهر منه الاستقلال عنهم ، يحقق المتابعة
والانقياد بحيث لا يكون القطع بحكم من طريق العقل منافيا لهذا الانقياد.
وعليه ، فلا تنفي
الرواية فعلية الحكم إلاّ إذا تعلق به القطع من طريق
[١] البروجردي الشيخ
محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٤٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.