وعلى ضوء هذا
البيان يتضح : عدم التنافي والتزاحم بين الأمر بالأهم والأمر بالمهم المقيد
بالعصيان ، وذلك فان الأمر بالأهم محفوظ في تقدير عصيانه لاقتضائه هدمه ، إلاّ انه
لا يتعرض لأكثر من هدم تقدير العصيان من دون ان يكون له نظر على تقدير ثبوت هذا
التقدير.
والأمر بالمهم لا
يتعرض لحال هذا التقدير ، لأنه مأخوذ في موضوعه ، وقد عرفت استحالة تعرض الحكم
لحال موضوعه ، نعم هو يقتضي إيجاد متعلقه على تقدير العصيان. فالامر بالمهم لا
يترقى ويصعد إلى مرتبة الأهم ويكون فيه اقتضاء لموضوعه ، والأمر بالأهم لا يتنزل
ويقتضي شيئا ما وراء رفع موضوع الأمر بالمهم حتى يكون في عرض المهم ، فالخطابان
وان كانا محفوظين في ظرف العصيان ، إلاّ انهما لا يتمانعان لأنهما في مرتبتين
طوليتين.
هذا توضيح ما جاء
في أجود التقريرات لبيان هذه المقدمة [١].
وقد أشرنا إلى ان
على هذه المقدمة يرتكز الترتب وينهض القول به.
إلاّ ان هذا
المقدار والنحو من البيان لا يفي بما هو الغرض الأساسي والنكتة الأصلية منه ، بل
ظاهره لا يخلو عن إيرادات ، ولذا تناولتها أقلام الأعلام فأورد عليها :
أولا : بأنّ
امتناع التقييد لا يستلزم امتناع الإطلاق ، بل يستلزم ضرورته ، لأن التقابل بينهما
تقابل السلب والإيجاب لا العدم والملكة [٢].
وثانيا : بان كون
الإطلاق في مرتبة التقييد لا يقتضي تأخر الحكم عما يكون مطلقا بالنسبة إليه ، كما
كان يقتضي ذلك تقييد الحكم ، فان التقديم والتأخير لا يكون إلا بملاك ، وملاك
التأخر في التقييد والحكم موجود. واما في
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٩٣ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ١١٤ ـ الطبعة الأولى.