اما الأولى : فلان
الحكم لا جعل له مستقل بنفسه ، بل هو مرتبط بموضوعه ، فالمجعول هو الحكم على هذا
الموضوع الخاصّ ، فمع العلم بانتفاء الموضوع يعلم بانتفاء الحكم ، كما انه مع الشك
في ثبوت الموضوع وعدم إحرازه ولو تعبدا لا يمكن التعبد بالحكم لعدم إمكان جعل
الحكم بدون موضوع ، فكما يشك في ثبوت الموضوع يشك في ثبوت الحكم ، فنفس ما يقتضي
سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية وعدم ثبوت المدلول المطابقي يقتضي سقوط الدلالة
الالتزامية عن الحجية لارتباط المدلول الالتزامي بالمدلول المطابقي في الثبوت.
واما الثانية :
فلإمكان دعوى ان الإخبار عن العلة إخبار عن الحصة الخاصة من المعلول ، لتحصص
المعلول من جهة العلة ، فالإحراق من النار غير الإحراق من غيرها ، فالمدلول
الالتزامي هو الحصة الخاصة ، فمع العلم بعدم العلة يعلم بعدم المعلول الخاصّ ،
فانتفاء المدلول المطابقي يلازم انتفاء المدلول الالتزامي.
واما الصورة
الثالثة والرابعة : فهما موضوع البحث ، إذ الاخبار عن المعلول لا يكون إخبارا عن
حصة خاصة من العلة ، بل عن العلة بقول مطلق لعدم تحصص العلة من جهة المعلول ، فان
النار المحرقة وغيرها واحدة ، ولا يختلف الحال فيها بين صورتي الإحراق وغيرها ،
فلا يعلم بانتفاء المدلول الالتزامي عند العلم بانتفاء المدلول المطابقي ، فيبحث
في حجية الدلالة الالتزامية في مدلولها. وهكذا الإخبار بالملازم يكون اخبارا عن
الملازم بقول مطلق ، لأنه لا يتحصص بوجود ملازمه ، كالإخبار عن الوجوب فانه إخبار
بالملازمة عن عدم الإباحة.
ثم ان محل الكلام
في هاتين الصورتين صورة عدم إحراز ثبوت المدلول المطابقي وجدانا أو تعبدا ، فمع
إحراز عدم ثبوته واقعا وجدانا أو تعبدا فهي خارجة عن محل الكلام.