القريب من الجمود في
بعض الأحايين. كما كان له ـ إلى جانب ذلك ـ نصيبه من التوسع والانكماش حسب تبائن
الاتجاهات والنزعات ، ونتيجة اختلاف الظروف والأحوال السائدة في الحوزات والمعاهد
العلمية.
٢
جرت العادة في التقديم لأمثال علم (
أصول الفقه ) على تحديد المراحل التي مر بها العلم منذ فجر تأسيسه ، وحتى عصر
المؤلف ، معتبرين له دور التأسيس والابداع ، ودور النضج والكمال .. ومحددين كل ذلك
بزمان خاص ، وعصر أحد أعلام ذلك العلم .. واعتبار كل ذلك بوجه الدقة ، مدعوما
بشواهد وأدلة لا ترضخ للنقد والتمحيص ، ويكون بعيدا كل البعد عن ذهنيات الكاتب وميوله
، واتجاهاته الموافقة أو المعاكسة لأولئك الاعلام شئ يصعب المصادقة عليه. وهي سبيل
ترتكز ـ على أغلب الظن ـ على الحدس والاجتهاد أكثر مما تعتمد الحقائق والواقعيات ،
بالإضافة إلى ما قد يستلزمه ذلك من البخس بحق بعض ، والايفاء فوق اللازم لحق
الآخرين.
فارتأيت لذلك ـ وانا لا بد لي من تقديم
الكتاب ـ تجنب الطريقة الكلاسيكية المتبعة من أغلبية الكتبة ، وأن ألج الموضوع من
باب آخر ، كي لا أرمى بالاندفاع العاطفي ، وليأتي حديثي أبعد ما يكون من التخرص
بالغيب ولذلك أعرضت عن تحديق إلى الزمن البعيد ، وتجنبت الكلام عن العصور الساحقة
الضاربة في القدم ، واعتبرت موضوع حديثي عن سير هذا العلم في العصر القريب من
عصرنا الحاضر ، المشهود حاله أو بالامكان التعرف عليه ـ لكل أحد ـ علما بان هذا
العلم مدين بالكثير للمساعي المشكورة التي بذلها أئمة هذا الفن الأقدمون ، كشيخنا
المفيد ( ٣٣٦ ـ ٩٤٨ / ٤١٣ ـ ١٠٢٢ ) والشريف علم الهدى ، المرتضى ( ٣٥٥ ـ ٩٦٦ / ٤٣٦
ـ ١٠٤٤ ) وشيخ الطائفة ، الشيخ الطوسي ( ٣٨٥ ـ ٩٩٥ / ٤٦٠ ـ ١٠٦٧ ) وآية الله على
الاطلاق ، العلامة الحلي