أقحم صاحب الكفاية
مبحث الطلب والإرادة ، وحديث اتحادهما وتغايرهما ، في البحث عن مادة الأمر ، وقد
انتقل إليه بنحو واضح التكلف. فانه بعد ما انتهى من الحديث عن مادة الأمر ، وان
الطلب الموضوع له لفظ الأمر هو الإنشائي ، أو انه هو المنصرف إليه من لفظ الأمر
كما انه المنصرف من لفظ الطلب ، ذكر أن الأمر في لفظ الإرادة بالعكس ، فان المنصرف
منها الإرادة الحقيقية ، وهو الّذي أوجب إيهام تغايرهما ذاتا ، فقيل به ثم بدأ
بذكر ما اختاره في المقام ، والاستدلال عليه بشكل مفصل.
وعلى كل فقد تبعه
في هذا المبحث سائر الاعلام ممن تأخر عنه ، فاللازم متابعتهم والبحث في هذا
الموضوع.
وقد اختار صاحب
الكفاية اتحاد الطلب والإرادة مفهوما وإنشاء وخارجا ، بمعنى ان مفهوم الإرادة عين
مفهوم الطلب ، والإرادة الإنشائية عين الطلب الإنشائي ، وواقع الإرادة عين واقع
الطلب ، ولا فرق بينهما ذاتا ووضعا ، وانما الفرق بينهما لفظي لا أكثر ، فلفظ
الطلب ينصرف إلى الطلب الإنشائي ولفظ الإرادة ينصرف إلى الإرادة الحقيقية. وقد نسب
قدسسره هذا الرّأي إلى المعتزلة ، ونسب دعوى تغايرهما إلى الأشاعرة [١].
وتحقيق المقام :
انه قد قيل : ان النزاع يمكن ان يكون بأنحاء ثلاثة :
الأول : ان يكون
في ثبوت صفة نفسانية أو فعل نفساني غير الإرادة عند
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٦٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.