الأمر
الثالث : قد عرفت ان
النزاع في وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدإ أو الأعم منه وممن انقضى عنه المبدأ ،
ودلالة الهيئة على خصوص المتلبس أو عليه وعلى المنقضي عنه التلبس.
فقد يتوهم اختصاص
النزاع بما إذا كان المبدأ فعليا كالضرب والأكل ، دون ما كان حرفة أو ملكة ،
كالصياغة والشعر ، لوضوح صدق الصائغ على من له حرفة الصياغة ولو لم يكن متلبسا
بالصياغة فعلا ، فلا نزاع في ذلك.
ولكنه توهم فاسد
فان اختلاف المبادئ لا يوجب اختصاص النزاع بمورد دون آخر ، بل هو يتأتى في الجميع
، لكن الفرق في التلبس وعدمه ، فان المبدأ إذا كان فعليا كان التلبس به بمباشرته
فعلا ويصدق الانقضاء عند عدم مباشرته ، واما إذا كان حرفة فالتلبس به يصدق ما دام
محترفا ولو لم يباشر الفعل ، إذ لا يعتبر فيه المباشرة ، ولا يصدق الانقضاء إلاّ
إذا انقطع عن الاحتراف. فالنزاع يقع حينئذ في صدق المشتق على من انقضى عنه المبدأ
بمعنى انقطع عن الاحتراف.
ـ الأول : ان أخذ
التقيد بالسبق أو بالزمان في مدلول الفعل يستدعي لحاظ الطرفين تفصيلا ، سواء قلنا
ان المعنى الحرفي عبارة عن الربط أو تضييق المفاهيم الاسمية ، ومن الواضح ان عند
استعمال الفعل لا يلحظ السبق أو الزمان تفصيلا ، والمفروض أخذ أحدهما طرفا للتقيد
والنسبة.
الثاني : ان اختلاف نسبة
المضارع والماضي إذا كانت بالتقيد ، كان مقتضى ذلك جواز استعمال أحدهما موضع الآخر
مجازا كما لا يخفى على من لاحظ الأمثلة العرفية ، مع بداهة غلطية قولنا : « يجيء
زيد أمس » أو : « جاء زيد غدا » : فيكشف ذلك عن اختلاف مفهوميهما سنخا وحقيقة وهو ما
التزمنا به.
واما ما ذكره في الكفاية
مؤيدا من ان المشهور كون المضارع للحال والاستقبال مع امتناع الاشتراك اللفظي
والمعنوي ، فيلازم كون المدلول خصوصية تلازم الزمانين. توضيحه : ان الفعل إنما يقع
في واقع الزمان لا عنوانه. وعليه ، فقد يقال : بان الجامع بينهما موجود وهو غير
الماضي أو نحوه ولا يخفى ان عنوان غير الماضي معرف إلى واقع الزمان وإلا فهو ليس
ظرفا ، وليس هناك زمان واقعي يكون جامعا بينهما.
وإنما ذكره مؤيدا لا دليلا ، ولأجل احتمال عدم إرادة
الحال الدقي ، بل قيل انه غير متصور ، بل المراد بالحال هو الحال العرفي وهو
مستقبل دقة ، فلا يكون للفعل إلا زمان الاستقبال فيندفع الإشكال.