فيجتمع فيه
اللحاظان في آن واحد. وقد ذكر المحقق الأصفهاني وجها لإبطاله ، لا نطيل البحث
بذكره ، بعد وضوح بطلان الوجه [١].
الثاني : ان يحمل
ما ورد من الروايات في هذا المقام على الحث على قصد المعنى مقارنا للقراءة لا قصده
بها ، فتطلب الهداية مقارنا لقراءة : ( اهْدِنَا الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ )[٢] ، لا انها تطلب بها [٣].
وهذا الوجه وان
كان يتخلص به عن المحذور المذكور ، إلاّ انه في الحقيقة التزام به والتخلص بتأويل
، كما لا يخفى.
الثالث : ما ذكره
المحقق الأصفهاني قدسسره في حاشيته على الكفاية ، وإليك نصّ عبارته : « ويمكن ان
يجاب أيضا : بان القراءة ليست الحكاية عن الألفاظ بالألفاظ واستعمالها فيها ، بل
ذكر ما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله في قبال ذكره من تلقاء نفسه ، وهذا
المعنى غير مشروط بعدم إنشاء المعنى به حتى يلزم الجمع بين اللحاظ الاستقلالي
والآلي فيما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله بقصد المعنى ، فان من مدح محبوبه
بقصيدة بعض الشعراء ، فقد قرأ قصيدته ومدح محبوبه بها ، نعم لو لم يلتفت إلى ذلك
ومدحه بها أنشأ من تلقاء نفسه لم يصدق القراءة وان كان مماثلا لما أنشأه الغير.
فتدبر جيدا » [٤].
والتحقيق في
المقام ان يقال : ان القراءة إيجاد طبيعي المقرو بفرده مع قصد ذلك.
بيان ذلك : ان
الشعر عبارة عن تصوير المواد اللفظية بصورة خاصة ، فانه هو عمل الشاعر. اما نفس
المواد فهي موجودة في نفسها ولا يوجدها الشاعر ، والصورة التي يحدثها الشاعر
للمواد اللفظية عارضة على طبيعي الألفاظ في
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٦٨ ـ الطبعة الأولى.