العمل بعد اليأس
عن الظفر بالدليل ، فتندرج في علم الأصول بناء على تعريف صاحب الكفاية بملاحظة ما
أضافه من القيد إلى تعريف المشهور.
بهذا التوجيه وجّه
المحقق الأصفهاني نظر صاحب الكفاية في ذكر هذا القيد [١] ـ ولكنه ذكره بنحو مجمل كان ما ذكرناه توضيحا له ـ ، ثم أفاد قدسسره بان الإشكال
المذكور يسري إلى جل مسائل الأصول بما محصله : ان الأمارات غير العلمية سندا
ودلالة يتطرق إليها هذا الإشكال ، وهو ان مرجع حجيتها اما إلى الحكم الشرعي بناء
على كون مفاد دليل الاعتبار جعل الحكم المماثل للمؤدى ، أو غير منته إليه أبدا
بناء على كون المجعول فيها هو المنجزية والمعذرية فهي على كلا التقديرين لا تقع في
طريق استنباط الأحكام.
وتخلصا عن هذا
الإشكال في جميع موارده ، وجه الاستنباط بمعنى يحصل بهذه المسائل ، وذلك بدعوى :
أن حقيقة الاستنباط ليس إلاّ تحصيل الحجة على الحكم الشرعي بلا توقف على إحراز
الحكم. وظهر ان حجية الأمارات بأي معنى كانت لها الدخل في إقامة الحجة على حكم
العمل ، وبذلك جعل الضابط للمسائل الأصولية هو القواعد الممهدة لتحصيل الحجة على
الحكم الشرعي. وتابعة بذلك في تفسير الاستنباط السيد الخوئي ـ كما جاء في تقريرات
درسه ـ [٢].
ولا يخفى أن ما
ذكره قدسسره وان كان بظاهره التزاما بوجهة نظر صاحب الكفاية التي أبان عنها اللثام ، إلاّ
انه في الحقيقة إشكال عليه في اقتصاره في الإشكال على بعض الموارد ، مع كون
الإشكال ساريا إلى جل المسائل.
فالتحقيق : انه
يمكن ان يكون نظر صاحب الكفاية إلى جهة تختص بهذه الموارد التي نبه إليها في كلامه
، ولا تسري إلى غيرها ، كما لا ترتفع تلك الجهة
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١١ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٩ ـ الطبعة الأولى.