الحمل ، فلا يدل
على الوضع ، إذ قد يكون المعنى المراد باللفظ مجازيا. وهكذا الحال في الحمل الشائع
، فانه لا يكشف إلاّ عن اتحاد الموضوع والمحمول وجودا بلا نظر إلى حال استعمال
المحمول في ما أريد به وانه حقيقي أو مجازي ، وظاهر ان الاستعمال أعم من الحقيقة
والمجاز. وبعبارة أخرى : ـ كما قال ـ ان صحة الحمل وعدم صحته يرجعان إلى عالم
المعنى والمدلول ، فمع اتحاد المفهومين ذاتا يصح الحمل وإلاّ فلا ، واما الحقيقة
والمجاز فهما يرجعان إلى عالم اللفظ والدال. وبين الأمرين مسافة بعيدة [١].
وأنت خبير بضعف
هذا الكلام ، فان المفروض ان المحمول هو اللفظ بما له من معنى ارتكازي وبلا قرينة
، ولا يخفى أن ذلك معناه فرض حمل اللفظ بمعناه الموضوع له المرتكز في النّفس ، لا
الأعم من الحقيقي والمجازي ، كما أشار إلى ذلك المحقق الأصفهاني ، وبعد هذا الفرض
في أصل الكلام في صحة الحمل لا وجه لما ذكره وقرره فانه عجيب جدا كما لا يخفى
فلاحظ.
منها
: الاطراد ، وبيانه
: هو ان يستعمل لفظ في شيء أو يطلق عليه بلحاظ معنى ، فإذا اطرد استعمال ذلك اللفظ
بلحاظ هذا المعنى بحيث صح استعماله مطلقا ومطردا بلحاظه كان ذلك علامة ودليلا على
كون اللفظ موضوعا لذلك المعنى.
لكنه يشكل : بان
الاطراد حاصل بالنسبة للمعاني المجازية ، فان اللفظ يستعمل في المعنى المجازي
بلحاظ العلاقة المصححة ، ويطرد في جميع موارد وجود العلاقة بلحاظها ، نظير استعمال
أسد في زيد بلحاظ الشجاعة ، فانه يصح استعمال لفظ أسد في غير زيد من افراد الإنسان
أو غيره بلحاظ الشجاعة. فجعل الاطراد علامة الحقيقة ينتقض بالمجاز.
[١] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ١١٧ ـ الطبعة الأولى.