وبالجملة : ففيما
نحن فيه الإشارة الحسية لا تتعلق بالكلي لعدم قابليته لها ، بل كل ما يشار إليه
فهو فرد لتقومه بالوجود ، ففرض كون المعاني ـ وضعا واستعمالا ـ كلية ينافي فرض
تعلق الإشارة بها ، لأن ما تتعلق به الإشارة هو الفرد وهو ليس بمعنى اسم الإشارة
لا وضعا ولا استعمالا كما عرفت تحقيقه.
الثاني : ما قد
يستشعر من كلام المحقق الأصفهاني ، وهو : انه لا إشكال في عدم إرادة الإشارة
الناشئة من قبل وضع اللفظ لمعنى والمساوقة لبيان المعنى باللفظ ـ كما يقال المعنى
المشار إليه ، أو أشرنا إلى ذلك فيما تقدم ، فان المراد المعنى المبين وبيان
المعنى ـ ، لأنه أمر عام وثابت في جميع الألفاظ الموضوعة ولا يختص بأسماء الإشارة
، وانما المراد معنى آخر لا تحقق له في غير لفظ ولا تقتضيه طبيعة الوضع ، وهو ـ كما
يظهر من ذيل كلامه وتعبيره باستلزام الإشارة التشخص الخارجي ـ الإشارة الحسية
لأنها هي الموجبة للتشخص الخارجي. ولا يخفى ان هذه الإشارة الحسية ليست من آثار
اللفظ وخصوصياته التكوينية ، وإلاّ كان كل لفظ كذلك. بل لا تتحقق باللفظ إلاّ
بالجعل والاعتبار. وعليه فلا بد من تحقق الإشارة الحسية بلفظ اسم الإشارة من
اعتبار الإشارة وأخذها في الموضوع له ، إذ لا يمكن تحققها بدونه [١]. وللمحقق الأصفهاني في المقام كلام لا يخلو عن غموض أخذه المقرر الفياض وصاغه
بعبارة أخرى [٢]. إلاّ انه لم يؤد المطلب بتمامه ولعله لم يصل إلى فهم
مراده ، ولما لم يكن في التعرض إلى تفصيل ذلك أثر فيما نحن فيه ، فالإعراض عنه
أولى وأجدر ، وفي الإشارة إلى ذلك كفاية.
ثم ان المحقق الأصفهاني
بعد ان استشكل في كلام صاحب الكفاية ، قال :
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢١ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٩٠ ـ الطبعة الأولى.