الخصوصيات أيضا بنحو التفصيل المنسبق الى الذهن ولو بدال آخر بشهادة الوجدان كما عرفت. ولعمري: ان عمدة ما دعاهم الى هذا التصوير شهادة وجدانهم على كون معنى (من) و (الى) و (على) في موارد استعمالها سنخ واحد، وان استفادة الخصوصيات بدال آخر، فالتزموا لحفظ الوحدة السنخية بمعنى كلي مستقل وجعل ذلك مرآة الى الحالة الطارئة على السير والبصرة، وغفلوا عن ان المفهوم الكلي [ المعرى ] عن الخصوصية يستحيل ان يري الخصوصية التفصيلية ولو بضميمة ألف دال آخر، بل لا ينسبق من المفهوم العام المعرى عن الخصوصية إلا ما بازائه من الوجود السعي [ المعرى بلا انتقال ] منه الى الخصوصيات بصورة انضمامها [ الى ] الجهة المشتركة المطابقة لنحو وجودها خارجا. وحينئذ التحقيق في حقيقة المعاني الحرفية، كونها عبارة عن: النسب والارتباطات القائمة بالمعاني [ المستقلة ب ] المفهومية، على اختلاف النسب والارتباطات من النسب الابتدائية [ و ] الاستعلائية والظرفية وغيرها. فحينئذ معنى عدم استقلالها بالمفهومية: عدم استقلال ذات المفهوم المجامع مع الاستقلال في عالم اللحاظ، كما أشرنا. ولقد أجاد من قال في تعريفها: بان الحرف ما دل على معنى في غيره: يعني معناه قائم بمعنى آخر لا انه تحت لفظ آخر كما توهم [1]. [1] يقصد بذلك: ان الرواية انما تفيد تعلقية الحرف بالطرفين من حيث المعنى لا من حيث اللفظ. فالالفاظ الموضوعة للمعاني الحرفية - وهي الحروف - تفيد معانيها افادة مستقلة بالرغم من ان المعاني تعلقية غير قائمة بنفسها، ف (من) معناه سنخ معنى قائم بغيره، لا ان معنى الحرف مستفاد من غير لفظ الحرف. (*