واحد منهما نوعا من الضروري. وقد يختلف النوعان بالسرعة وعدمها، لكثرة استيناس العقل بأحدهما دون الآخر.
وعن السادس: أن الضروري لا يستلزم الوفاق، لجواز المباهتة والعناد من الشر ذمة القليلة.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أن حصول العلم بالتواتر يتوقف على اجتماع شرائط بعضها في المخبرين وبعضها في السامعين.
فالأول ثلاثة: الأول: أن يبلغوا في الكثرة حدا يمتنع [1] معه في العادة تواطؤهم على الكذب. الثاني: أن يستند علمهم إلى الحس، فإنه في مثل حدوث العالم لا يفيد قطعا. الثالث: استواء الطرفين والواسطة، أعني بلوغ جميع طبقات المخبرين في الأول والآخر والوسط، بالغا ما بلغ، عدد التواتر.
والثاني أمران، الأول: أن لا يكونوا عالمين بما أخبروا عنه اضطرارا، لاستحالة تحصيل الحاصل، الثاني: أن لا يكون السامع قد سبق بشبهة أو تقليد يؤدي [2] إلى اعتقاد [3] نفي موجب الخبر. وهذا الشرط ذكره السيد المرتضى [4] رضي الله عنه. وهو جيد، وحكاه عنه [5] جماعة من الجمهور ساكتين عنه.
قال السيد [6] - رضي الله عنه - إذا كان هذا العلم - يعنى الحاصل من التواتر - مستندا إلى العادة وليس بموجب عن سبب، جاز في شروطه الزيادة والنقصان بحسب ما يعلم الله تعالى من المصلحة. وإنما احتجنا إلى هذا الشرط لئلا يقال لنا: أني فرق بين خبر البلدان [7] والأخبار الواردة بمعجزات النبي، صلى الله عليه وآله [8]، سوى القرآن، كحنين الجذع، وانشقاق القمر، وتسبيح الحصى، وما أشبه ذلك؟ وأي فرق أيضا بين خبر البلد، وخبر النص الجلي على أمير المؤمنين