على الأعم منه ومما قلناه.
حجة القول بالرجوع إلى الجميع أمور ستة:
أحدها: أن الشرط المتعقب للجمل [1] يعود إلى الجميع، فكذا الاستثناء بجامع عدم استقلال كل منهما بنفسه، واتحاد معنييهما، فان قوله تعالى في آية القذف:
(إلا من تاب) [2] جار مجرى قوله: " إن لم يتوبوا " [3].
وثانيها: [4] أن حرف العطف يصير الجمل المتعددة في حكم الواحدة، إذ لا فرق بين قولنا: " رأيت زيد بن عبد الله [5] ورأيت زيد بن عمرو " [6] وبين قولنا:
" رأيت الزيدين ". وإذا كان الاستثناء الواقع عقيب الجملة الواحدة راجعا إليها لا محالة، فكذلك ما هو بحكمها.
وثالثها: أن الاستثناء بمشية الله تعالى [7] إذا تعقب جملا، يعود إلى جميعها بلا خلاف، فكذلك الاستثناء بغيره. والجامع بينهما: أن كلا منهما استثناء، و غير مستقل.
ورابعها: أن الاستثناء صالح للرجوع إلى كل واحدة من الجمل، والحكم بأولوية البعض تحكم، فيجب عوده إلى الجميع. كما أن ألفاظ [8] العموم، لما لم يكن تناولها لبعض أولى من آخر، تناولت الجميع.
وخامسها: أن طريقة العرب الاختصار وحذف فضول الكلام ما استطاعوا، فلابد لهم، حيث يتعلق إرادة الاستثناء بالجمل المتعددة، من ذكره بعدها، مريدين به الجميع، حتى كأنهم ذكروه عقيب [9] كل واحدة، إذ لو كرر بعد كل جملة، لاستهجن، وكان مخالفا لما ذكر من طريقتهم. ألا ترى أنه لو قيل: في آية القذف [10] مثلا: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا "، " أولئك هم