لها تحققا في عالم الاعتبار، و تترتب عليها الآثار، و ليست من الأمور الخيالية.
فتحصل مما ذكرنا أن هاهنا أموراً أربعة: (الأول) الأمور المتأصلة الخارجية، كالجواهر و الاعراض، (الثاني) الأمور الاعتبارية التي أمرها بيد المولى، (الثالث) الأمور الانتزاعية، و هي على قسمين، لأن منشأ الانتزاع لها إما أن يكون من الأمور الخارجية. و إما أن يكون من الأمور الاعتبارية. و قد ذكرنا مثال القسمين.
إذا عرفت ذلك فنقول:
(أما القسم الأول) من الأحكام الوضعيّة الّذي ذكره صاحب الكفاية (ره) فهو من قيود التكليف، فان المولى تارة يجعل التكليف بلا قيد فيكون مطلقاً، و أخرى يجعله مقيداً بوجود شيء في الموضوع فيكون شرطاً، و ثالثةً بعدمه فيكون مانعاً.
فالسببية و الشرطية و المانعية بالنسبة إلى التكليف منتزعة من جعل التكليف مقيداً بوجود شيء في الموضوع، أو عدمه. و الفرق بين السبب و الشرط مجرد اصطلاح، فانهم يعبرون عما اعتبر وجوده في الحكم التكليفي بالشرط، و يقولون: إن البلوغ شرط لوجوب الصلاة مثلًا، و الاستطاعة شرط لوجوب الحج، و هكذا، و يعبرون عما اعتبر وجوده في الحكم الوضعي بالسبب، و يقولون: إن الملاقاة سبب للنجاسة، و الحيازة سبب للملكية، فكلما اعتبر وجوده في الحكم فهو شرط في باب التكليف و سبب في باب الوضع، سواء عبر عن اعتباره بلفظ القضية الشرطية أو الحملية، فانه لا فرق بين قول المولى: من كان مستطيعاً وجب عليه الحج، و قوله: المستطيع يجب عليه الحج فيما يفهم منهما، فان القضية الشرطية ترجع إلى الحملية، كما أن القضية الحملية ترجع إلى الشرطية التي مقدمها تحقق الموضوع، و تاليها ثبوت المحمول له.
و بالجملة، كلما اعتبر وجوده في الموضوع فهو شرط للتكليف، كالاستطاعة