و أخرى يكون بنحو الحرمان، و أن المولى يحرم العبد عن شيء و يسد عليه سبيله، كما يقال في بعض المقامات: إن اللَّه تعالى لم يجعل لنا سبيلا إلى الشيء الفلاني، فيعبر عنه بالحرمة، فان الحرمة هو الحرمان عن الشيء، كما ورد أن الجنة محرمة على آكل الرّبا مثلا، فان المراد منه المحرومية عن الجنة، لا الحرمة التكليفية، و ثالثةً يكون بنحو الترخيص و هو الإباحة بالمعنى الأعم، فانه تارة يكون الفعل راجحاً على الترك، و أخرى بالعكس، و ثالثة لا رجحان لأحدهما على الآخر، و هذا الثالث هو الإباحة بالمعنى الأخص.
فهذه هي الأحكام التكليفية، و العبارة الجامعة أن الأحكام التكليفية عبارة عن الاعتبار الصادر من المولى من حيث الاقتضاء و التخيير، كما هو مذكور في بعض الكلمات، و ما سواها كله أحكام وضعية، سواء كان متعلقاً بفعل المكلف، كالشرطية و المانعية و الصحة و الفساد أم لا كالملكية و الزوجية و غيرهما، فكل اعتبار من الشارع سوى الخمسة المذكورة حكم وضعي.
و بعد ما عرفت المراد من الحكم، و الفرق بين التكليفي منه و الوضعي. فهل الحكم الوضعي مجعول بالاستقلال أو منتزع من التكليف أو فيه تفصيل؟ و قد ذكر صاحب الكفاية (ره) تفصيلا في المقام. حاصله أن الأحكام الوضعيّة على أقسام ثلاثة:
(الأول) ما لا يكون مجعولا بالجعل التشريعي أصلا. لا استقلالا و لا تبعاً للتكليف. و إن كان مجعولا بالجعل التكويني تبعاً لجعل موضوعه. كالسببية و الشرطية و المانعية و الرافعية للتكليف.
(الثاني) ما يكون منتزعاً من التكليف، كالشرطية و المانعية للمكلف به، فان المولى تارة يأمر بشيء بلا تقييده بشيء وجودي أو عدمي، و أخرى يأمر بشيء