(اما أولا) فلما ذكرناه في بحث الاستصحاب من عدم جريانه في الشبهات الحكمية.
و (أما ثانياً) فلأن مقتضى الاستصحاب عدم جواز تقليد الميت لا جوازه.
و ذلك، لما ذكرناه عند البحث عن جريان الاستصحاب في أحكام الشرائع السابقة:
من أن مرجع الشك في نسخها إلى احتمال ضيق دائرة الجعل و عدم سعتها بالإضافة إلى من يوجد في زمان تشريع الشريعة اللاحقة، فيكون المراد من النسخ بيان أمد الحكم بحسب الجعل الأول لا رفعه، لكونه مستلزماً للبداء المستحيل في حقه تعالى.
و عليه، فلا علم بجعل الحكم في حقه، و لو بنحو القضية الحقيقية ليجري الاستصحاب و يثبت به بقاء الحكم له، بل يجري في حقه استصحاب عدم الجعل بلا معارض.
و المقام من هذا القبيل بعينه، حيث نحتمل أن تكون حجية فتوى المجتهد مختصة [1] بمن عاصره، و كان من وظيفته الرجوع إليه. و أما المكلف الموجود بعد موته، فلا علم بحجية فتواه في حقه من الأول، فيجري استصحاب عدم جعل الحجية في حقه بلا معارض.
______________________________ [1] أي يكون الشك- في حجية فتوى المجتهد في حق من يوجد بعد مماته- شكا في الحدوث لا في البقاء، فلا مجال لجريان استصحاب بقاء الحجية في حقه. و لا تنافي بين ما أفاده سيدنا الأستاذ دام ظله هنا، و ما ذكره سابقاً من عدم كون المقام من قبيل الشك في الحدوث، فان ما ذكره- دام ظله سابقاً- راجع إلى أنه ليس من قبيل الشك في الحدوث من جهة احتمال اختصاص حجية فتواه بجاهل دون جاهل (أي بجاهل موجود في حياته دون جاهل موجود بعد مماته)، و ما أفاده هنا راجع إلى أن الشك شك في الحدوث من جهة احتمال أن تكون حجية فتواه مختصة بحال حياته، فلاحظ.