و فيه أن الأخبار الآمرة بعرض الأخبار على الكتاب و السنة على طائفتين:
(الطائفة الأولى)- ما ذكره (ره) من الأخبار الدالة على أن مخالف الكتاب زخرف أو باطل أو اضربوه على الجدار، إلى غير ذلك من التعبيرات الدالة على عدم الحجية، و أن حجية الأخبار مشروطة بعدم كونها مخالفة للكتاب و السنة، و المراد من المخالفة هي المخالفة بنحو لا يكون بينها و بين الكتاب و السنة جمع عرفي، كما إذا كان خبر مخالفاً للكتاب أو السنة على نحو التباين أو العموم من وجه.
و أما الاخبار المخالفة للكتاب أو السنة بالتخصيص أو التقييد، فليست مشمولة لهذه الأخبار، للعلم بصدور المخصص لعمومات الكتاب و السنة، و المقيد لإطلاقاتهما عنهم عليهم السلام فانه لم يذكر في الكتاب إلا أساس الأحكام، كقوله تعالى:
(أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة) و أما تفصيل الأحكام و موضوعاتها و تخصيص عموماتها و تقييد مطلقاتها، فهو مذكور في الاخبار المروية عنهم عليهم السلام و إن شئت قلت: ليس المراد من المخالفة في هذه الطائفة هي المخالفة بالتخصيص و التقييد، و إلا لزم تخصيصها بموارد العلم بتخصيص الكتاب فيها، مع أنها آبية عن التخصيص، كما تقدم.
و (بالجملة): الاخبار- المخصصة لعمومات الكتاب أو المقيدة لإطلاقاته- لا تكون مخالفة له في نظر العرف، بل قرينة على المراد منه.
(الطائفة الثانية)- الاخبار الواردة في مقام ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الآخر، كقوله عليه السلام: «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان، فاعرضوهما على كتاب اللَّه، فما وافق كتاب اللَّه، فخذوه، و ما خالف كتاب اللَّه فردوه ... إلخ» و حيث أن هذه الطائفة من الاخبار واردة في بيان المرجح لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر، قدم الإمام عليه السلام في المقبولة الترجيح بالشهرة على الترجيح بموافقة الكتاب،