و يتعارضان في مادة الاجتماع- و هو الغسل بالكر- فان مقتضى ما يدل على اعتبار التعدد إلا في الغسل بالماء الجاري هو اعتباره في الغسل بالكر. و مقتضى ما يدل على عدم اعتبار التعدد إلا في الغسل بالقليل هو عدم اعتباره في الغسل بالكر، فيعامل معهما معاملة المتعارضين من الترجيح أو التخيير.
(الصورة الثالثة)- ما إذا وقع التعارض بين دليلين بالتباين، و ورد المخصص على كل منهما مع التنافي بين المخصصين أيضا بالعموم من وجه، كما إذا دل دليل على وجوب إكرام العلماء، و دل دليل آخر على عدم وجوب إكرامهم، و دل دليل ثالث على وجوب إكرام العالم العادل، و دل دليل رابع على عدم وجوب إكرام العالم النحوي. و لا أثر للقول بانقلاب النسبة و القول بعدمه في هذه الصورة، إذ على القول بانقلاب النسبة، كانت النسبة- بين دليل وجوب إكرام العلماء و دليل عدم وجوب إكرامهم بعد خروج العالم النحوي من الأول و خروج العالم العادل من الثاني- العموم من وجه، حيث يجتمعان في العالم العادل النحوي، و يفترقان في العالم العادل غير النحوي و في العالم الفاسق النحوي، فيحكم بوجوب إكرام العالم العادل غير النحوي، و بعدم وجوب إكرام العالم الفاسق النحوي، و يرجع إلى الأصول العملية أو الترجيح أو التخيير في إكرام العالم العادل النحوي.
و أما على القول بإنكار الانقلاب يسقط العامان عن الاعتبار رأساً، و يؤخذ بالخاصين، و حيث أن بينهما العموم من وجه يعمل بهما في مورد افتراقهما، و يرجع إلى الأصول العملية أو الترجيح أو التخيير في مورد الاجتماع- و هو العالم العادل النحوي- فتكون النتيجة عين نتيجة القول بانقلاب النسبة. هذا تمام الكلام في بيان صور التعارض بين أكثر من دليلين. و لو فرض التعارض بين أكثر من دليلين- سوى ما ذكرناه من الصور- يعلم حكمه مما ذكرناه.