الأمر بين كون الخاصّ مخصصاً للعام، كون العام ناسخاً للخاص.
(اما الصورة الأولى) فليس البحث عنها مثمراً بالنسبة إلينا، فان العمل بالخاص متعين، سواء كان مخصصاً أو ناسخاً، فإذا ورد عن الباقر عليه السلام أن اللَّه سبحانه خلق الماء طاهراً لم ينجسه شيء ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، ثم ورد عن الصادق عليه السلام أن الماء إذا بلغ قدر كر لم ينجسه شيء، المستفاد منه انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة، لا يجوز لنا الوضوء بالماء القليل الملاقي للنجاسة، و إن لم نعلم كونه ناسخاً أو مخصصاً لما صدر عن الباقر عليه السلام نعم من عمل بالعامّ و توضأ بالماء القليل الملاقي للنجاسة، و بقي إلى زمان ورود الخاصّ، يثمر هذا البحث بالنسبة إليه، فانه على القول بكون الخاصّ ناسخاً تصح أعماله السابقة، و على القول بكونه مخصصاً ينكشف بطلانها، لوقوع وضوئه بالماء النجس. و (بالجملة) لا تترتب ثمرة عملية على هذا البحث بالنسبة إلينا، فينبغي الإضراب عنه.
و (أما الصورة الثانية) فتترتب عليها الثمرة بالنسبة إلينا، إذ لو ورد العام المذكور في المثال بعد الخاصّ، لا يجوز لنا التوضي بالماء القليل الملاقي للنجاسة على القول بكون الخاصّ مخصصاً للعام، و يجوز التوضي به على القول بكون العام ناسخاً للخاص. و كذا ترتيب سائر آثار الطهارة، و توهم عدم إمكان النسخ- بعد النبي صلى اللَّه عليه و آله لانقطاع الوحي- مدفوع بما ذكرناه في محله:
من أن النسخ في الحكم الشرعي هو بيان أمد الحكم، و هو ممكن بعد انقطاع الوحي، بأن كان النبي صلى اللَّه عليه و آله أخبر الإمام عليه السلام بأن أمد الحكم الفلاني إلى زمان كذا، فيبينه الإمام عليه السلام. و لا نعني بالنسخ في الأحكام الشرعية إلا هذا المعنى، ففي مثل ذلك يدور الأمر بين الأخذ بظاهر الخاصّ و هو استمرار الحكم الثابت به، فتكون النتيجة التخصيص، و بين الأخذ بظاهر العام، و هو شمول الحكم لجميع