بالقيام، لامتناع الطفرة أو عدم كونها مقدورة للمكلف، فلا حاجة إلى الأمر به بعد الأمر بالقيام. و أما مع ملاحظة النصوص، فلما سيجيء قريباً إن شاء اللَّه تعالى.
و فصّل صاحب المدارك بين المقامين: فقال بجريان القاعدة في المقام الأول، و عدمه في الثاني. و اعترض عليه صاحب الحدائق بما حاصله أن التفصيل بين المقامين كالجمع بين المتناقضين، لأن لفظ الغير المذكور في الروايات الدالة على قاعدة التجاوز إن كان شاملا للمقدمات، فتجري القاعدة في المقامين، و إلا فلا تجري فيهما.
و الإنصاف أن هذا الاعتراض مما لا ينبغي صدوره من مثله، إذ ليست قاعدة التجاوز من القواعد العقلية التي لا تكون قابلة للتخصيص، كاستحالة اجتماع الضدين مثلا، بل من القواعد الشرعية التي تعميمها و تخصيصها بيد الشارع، فله أن يخصصها بمورد دون مورد، كما حكم بجريانها في الصلاة، و بعدمه في الوضوء، فلا بد من ملاحظة الدليل الّذي أقامه صاحب المدارك، للتفصيل المذكور، و أنه وافٍ بالتفصيل أم لا؟ فنقول: نظره في هذا التفصيل إلى روايتين: (الأولى)- رواية [1] عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه الدالة على عدم جريان القاعدة و وجوب الاعتناء بالشك
______________________________ [1] نقل في الوسائل عن محمد بن الحسن عن سعد عن أحمد بن محمد عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه «قال قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: رجل رفع رأسه من السجود، فشك قبل أن يستوي جالساً، فلم يدر أ سجد أم لم يسجد؟ قال عليه السلام: يسجد، قلت فرجل أنهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أ سجد أم لم يسجد؟ قال عليه السلام: