في كلمة بعد الدخول في كلمة أخرى من كلام واحد، فضلا عما إذا شك في حرف من كلمة بعد الدخول في حرف آخر منها، و ذلك، لعدم صدق التجاوز و المضي عرفا، و ان كان التجاوز متحققاً بحسب الدقة العقلية، إلا أن الميزان هو الصدق العرفي لا الدقة العقلية.
و أما إذا شك في شيء من أجزاء المركب بعد الدخول في جزء مستحب منه، كما إذا شك في القراءة بعد الدخول في القنوت، فقد اختار السيد (ره) في العروة جريان قاعدة التجاوز، و قرره المحشون، و لم نجد التصريح بخلافه. و لكن للمناقشة فيه مجال واسع، لما ذكرناه سابقاً من أن جريان القاعدة متوقف على صدق المضي و الخروج عن محل المشكوك فيه و التجاوز عنه، و لا يصدق إلا فيما إذا اعتبر المشكوك فيه سابقاً على الغير، كالقراءة بالنسبة إلى الركوع. و هذا المعنى مفقود في المقام، إذ لم يعتبر في القراءة وقوعها سابقاً على القنوت، و إن كان المعتبر في القنوت تأخر- عنها. فمثل القنوت بالنسبة إلى القراءة مثل التعقيب بالنسبة إلى التسليم. (توضيح ذلك): أن الجزئية و الاستحباب مما لا يجتمعان. و لا يعقل كون شيء جزء للواجب و مستحباً، إذ الإهمال في مقام الثبوت غير متصور، فاما أن تكون الطبيعة المأمور بها مطلقة بالنسبة إلى الخصوصيات أو تكون مقيدة بوجود خصوصية على نحو يكون التقيد و القيد كلاهما داخلين في المأمور به، أو على نحو يكون التقيد داخلا، و القيد خارجاً فيكون جزءاً على الأول و شرطاً على الثاني، أو تكون مقيدة بعدم شيء، فيكون مانعاً، ففيما إذا لم تكن الطبيعة المأمور بها مقيدة بوجود خصوصية و لا بعدمها، يكون المكلف مخيراً في تطبيقها في ضمن أي خصوصية من الخصوصيات. غاية الأمر كون الخصوصية (تارة) راجحة و (أخرى) مرجوحة و (ثالثة) بلا رجحان و لا مرجوحية، كإيقاع الصلاة في المسجد أو في الحمام أو في الدار، و كالصلاة مع القنوت