(أما المقام الأول)- فتفصيل الكلام فيه: أن الشك في الجزء الأخير يتصور على وجوه:
(الأول)- أن يشك فيه مع عدم الاشتغال بشيء و عدم تحقق السكوت الطويل الموجب لفوات محل التدارك. و لا مجال فيه لجريان قاعدة التجاوز، لعدم الدخول في الغير على الفرض، فلا يصدق التجاوز عن المحل. و كذا لا تجري قاعدة الفراغ أيضا، لاحتمال كونه في أثناء العمل، فلم يحرز الفراغ. و هذا واضح.
(الثاني)- أن يشك في الجزء الأخير مع الاشتغال بأمر غير مرتب على الجزء الأخير و غير مانع من تداركه. و الحكم فيه هو الحكم في الوجه السابق، فلا تجري فيه قاعدة التجاوز، لعدم تجاوز المحل و إمكان التدارك، و لا قاعدة الفراغ للشك في تحقق الفراغ و احتمال كونه في أثناء العمل على ما تقدم. و من هذا القبيل مما إذا أتى بشيء من المنافيات التي لا يكون الإتيان بها سهواً موجباً للبطلان كالتكلم.
و التزم المحقق النائيني (ره) في هذه الصورة بجريان قاعدة الفراغ، بدعوى أن المعتبر في قاعدة الفراغ أمران: الدخول في الغير، و صدق المضي. و هما متحققان في المقام. أما الدخول في الغير فتحققه ظاهر. و أما تحقق المضي فلصدقه عند مضي معظم الأجزاء.
و فيه أن المعتبر في قاعدة الفراغ هو صدق المضي حقيقة. و معه كيف يصدق المضي مع الشك في تحقق الجزء الأخير؟ و أما الدخول في الغير فقد تقدم انه لا يعتبر في جريان قاعدة الفراغ.
و قد يتوهم جريان قاعدة الفراغ بدعوى أن المراد بالمضي هو المضي بحسب الاعتقاد لا المضي بحسب الواقع، و إلا لم يبق مورد لجريان قاعدة الفراغ، إذ مع الشك