قاعدة الفراغ إلى التعبد بوجود الصحيح خلاف ظاهر أدلتها، فان ظاهر قوله عليه السلام:
«كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكراً فأمضه و لا إعادة عليك»- هو الحكم بصحة ما مضى من الصلاة و الطهور، فيكون مفادها التعبد بصحة الموجود لا التعبد بوجود الصحيح.
و وجود الصحيح و ان كان لازماً لصحة الموجود، إلا أن مفاد الأدلة هو التعبد بالثاني.
(الثاني)- أن الإرجاع المذكور على تقدير التسليم إنما يصح في باب التكليف، فان همّ العقل فيه هو إفراغ الذّمّة منه. و وجود العبادة الصحيحة- و لو بالتعبد- كافٍ في الحكم بالفراغ. بخلاف المعاملات، فان الآثار المجعولة على نحو القضايا الحقيقية إنما تترتب على صحة شخص المعاملة المشكوك فيها، فلا يكفي في ترتب الأثر التعبد بوجود معاملة صحيحة، بل لا بد من إحراز صحة المعاملة الشخصية و لو بالتعبد. فلا يتم إرجاع قاعدة الفراغ إلى التعبد بوجود الصحيح في باب المعاملات على فرض تسليم تماميته في العبادات.
أقول: أما اعتراضه الأول، فمتين، لأن ظاهر قوله عليه السلام:- «كلما مضى من صلاتك إلى قوله عليه السلام: فأمضه»- هو الحكم بصحة ما مضى، فإرجاعه إلى الحكم بوجود الصحيح خلاف الظاهر. و أما اعتراضه الثاني، فلا يرجع إلى محصل، لأن مفاد قاعدة الفراغ- على تقدير الإرجاع المذكور- هو الحكم بوجود الصحيح مما تعلق به الشك، و هو كافٍ في ترتب الأثر، فإذا باع زيد داره من عمرو بثمن معين، و شك في صحة هذه المعاملة و فسادها، كان مقتضى قاعدة الفراغ- بعد الإرجاع المذكور- هو الحكم بوجود بيع صحيح يكون المبيع فيه الدار بالثمن المعين. و التعبد بوجود هذا البيع كافٍ في ترتب الأثر و ان لم تثبت صحة هذه المعاملة الشخصية الخارجية، كما هو الحال في العبادات، فانه على تقدير الشك- في صحة صلاة الظهر بعد الفراغ منها- يحكم بوجود الصلاة الظهر صحيحة بمقتضى قاعدة الفراغ