و (أما القسم الثاني) فيجري فيه الاستصحاب أيضا، ففي مثال الحدث المردد بين الأكبر و الأصغر نجري الاستصحاب في الكلي و نحكم بعدم جواز الدخول في الصلاة. و حرمة مس كتابة القرآن. و أما عدم جواز المكث في المسجد، فليس أثراً لجامع الحدث، بل لخصوص الجنابة، و لا مجال لجريان الاستصحاب فيها لعدم اليقين بها. نعم لا يجوز له المكث في المسجد، لأجل العلم الإجمالي بحرمته أو بوجوب الوضوء للصلاة، و هو شيء آخر لا ربط له بمسألة الاستصحاب.
و استشكل بعضهم في جريان الاستصحاب في القسم الثاني بأن الاستصحاب فيه و إن كان جارياً في نفسه لتمامية موضوعه من اليقين و الشك، إلا أنه محكوم بأصل سببي، فان الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل، و الأصل عدمه، ففي المثال يكون الشك في بقاء الحدث مسبباً عن الشك في حدوث الجنابة، فتجري أصالة عدم حدوث الجنابة. و بانضمام هذا الأصل إلى الوجدان يحكم بارتفاع الحدث، فان الحدث الأصغر مرتفع بالوجدان، و الحدث الأكبر منفي بالأصل.
و أجيب عنه بوجوه:
(الأول)- ما في الكفاية من أن الشك في بقاء الكلي ليس مسبباً عن الشك في حدوث الفرد الطويل، بل مسبب عن الشك في كون الحادث طويلًا أو قصيراً.
و بعبارة أخرى الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في خصوصية الفرد الحادث، و ليس له حالة سابقة حتى يكون مورداً للأصل، فتجري فيه أصالة عدم كونه طويلا، فما هو مسبوق بالعدم و هو حدوث الفرد الطويل ليس الشك في بقاء الكلي مسبباً عنه، و ما يكون الشك فيه مسبباً عنه و هو كون الحادث طويلا ليس مسبوقا بالعدم، حتى يكون مورداً للأصل. و هذا الجواب مبني على عدم جريان الأصل في العدم الأزلي. و أما إذا قلنا بجريانه كما هو الصحيح على ما ذكرنا في محله، فلا مانع من جريان أصالة عدم